للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلت: من وجوه الترجيح الاستدلالُ بما سبق اللفظ من المعنى، وما تأخَّر عنه، حتى كان ذلك سبباً لترجيح المجاز على الحقيقة في بعض المواضع؛ فمن الأول قوله تعالى: {لَا تَجْعَلُوْا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضًا} [النور: ٦٣]، فإنه يَحتمل - كما ذكر - التبجيلَ والتعظيم في دعائه، فلا (١) يُنادى بالاسم، بل بالصفة الجليلة؛ كـ (يا نبي الله)، و (يا رسول الله).

ويحتمل أن يراد تأكيد إجابته صلى الله عليه وسلم إلى ما يدعو إليه، بحيث لا يجعل دعاؤه كدعاء غيره في رتبة تأكُّدِ الإجابةِ، بل يكون راجحاً.

وقد رجَّح بعضهم هذا الثاني بمناسبته للسابق، وهو: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَءَامَنُواْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُواْ مَعَهُ وعَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَّمْ يَذْهَبُواْ حَتَّى يَسْتَئْذنُوهُ} [النور: ٦٢]، وفي ترجيحه نظر.

ومن الثاني - وهو الترجيح باللاحق (٢) - قوله تعالى: {وَالتِّيْنِ وَالزَّيْتُونِ} [التين: ١]، فإن حقيقته في الثمرتين، أو الشجرتين المعروفتين، ومجازه في الجبلين اللذين فيهما (٣) هاتان الشجرتان، فرُجِّح الثاني بقوله تعالى: {وَطُورِ سِينِينَ} [التين: ٢]، [فهو ترجيح بالمتأخر، ويُقوِّي قولَ من قال: إنه أراد بالتين دمشق] (٤)، والزيتون بيت


(١) في الأصل: "ولا"، والمثبت من "ت".
(٢) في الأصل: "باللآخر"، والمثبت من "ت".
(٣) "ت": "هما".
(٤) زيادة من "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>