للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ها هنا (١) لِتفاوتِ روتبة الخلق والجعل من روتبة العدل، مع السكوت عن وصف العادلين، ومثل ذلك الآية المسؤولُ عنها؛ لأن (ثم) فيها [تُثبت تفاوتَ رتبةِ الفَكِّ والإطعام من مرتبة الإيمان, إلا أنَّ فيها] (٢) زيادةَ تعرضٍ لوصف المؤمنين بقوله: {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (١٧) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ} [البلد: ١٧، ١٨].

ومنه: تفاوتٌ بين رُتبتي الفاعل بالنسبة إلى فعله، نحو قولك: قارئُ القرآن في الصلاة له بكلّ حرفٍ [مئةُ حسنة، ثم قارئ القرآن في غيرِ صلاةٍ له بكلِّ حرفٍ] (٣) عشرُ حسنات، والمُصلِّي بالمسجد الحرام أفضلُ من المصلي بغيره (٤)، ثم المصلي بمسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفضلُ من المصلى بغير المسجد الحرام، ثم المصلي بالمسجد الأقصى أفضلُ من المصلي بغير المسجدِ الحرام والمسجد النبوي، فـ (ثم) ها هنا لتفاوتِ رتبة مُصَل من مصلٍّ بالنسبة إلى صلاته، وقارئٍ من قارئٍ بالنسبة إلى قراءته.

ويجيءُ هذا المعنى أيضًا مقصودًا بالفاء العاطفة؛ نحو: خذِ الأفضلَ فالأكملَ، واعملْ الأحسنَ فالأجمل، ونحو: "رحم الله المحلقين فالمقصرين" (٥)، فالفاء في المثال الأول لتفاوتِ رتبة الفضلِ


(١) "ت": "هنا".
(٢) زيادة من "ت".
(٣) زيادة من "ت".
(٤) في الأصل "من". والمثبت من "ت".
(٥) كذا ذكره الزمخشري في "الكشاف" (٤/ ٣٧) وعنه أخذ ابن بري كلامه =

<<  <  ج: ص:  >  >>