للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقدْ يكونانِ بمعنَى صارَ، ومنهُ قولُهُ تعالَى: {ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا} [النحل: ٥٨]، وقد حُمِلَ [قولُهُ] (١) - صلى الله عليه وسلم -: "فإنَّ أحدَكُم لا يَدْرِي أينَ باتَتْ يدُهُ" علَى ذلكَ؛ أي: صارتْ (٢).

وقالَ أبو موسَى الجُزُوليُّ (٣): و (ظلَّ) لمصاحبةِ الصفةِ الموصوفَ نهارَهُ و (باتَ) ليلَهُ.

قالَ الأُبَّدِيُّ الشارحُ: يعني: أنَّ (ظلَّ) و (باتَ) ناقصين يدُلان علَى وقوعِ مضمونِ الجملةِ في النهارِ والليلِ، وتكونُ بمعنَى صارَ؛ كقولهِ تعالَى: {ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ} [النحل: ٥٨]؛ أي: صار، وقوله تعالَى: {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} [الواقعة: ٦٥]، وقوله عليه السلام: "فإنَّ أحدَكُم لا يدري أينَ باتَتْ يدُهُ"؛ أي: صارتْ، ومعناهُما تامَّتين: أقامَ نهارًا أو ليلًا.


(١) زيادة من "ت".
(٢) انظر: "شرح الجمل" لابن عصفور (١/ ٤٢٤).
(٣) هو الإمام أبو موسى عيسى بن عبد العزيز الجزولي البربري النحوي، كان إمامًا في علم النحو، كثير الاطلاع على دقائقه وغريبه وشاذه، صنف المقدمة المسماة بـ"القانون"، أتى فيها بالعجائب، وهي غاية في الإيجاز مع الاشتمال على شيء كثير من النحو، ولم يسبق إلى مثلها، واعتنى بها جماعة من الفضلاء فشرحوها؛ كابن مالك، توفي سنة (٦١٠ هـ) بمراكش. انظر: "وفيات الأعيان" لابن خلكان (٣/ ٤٨٨)، و "كشف الظنون" لحاجي خليفة (٢/ ١٨٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>