للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنَّ أمرَ الله أعمُّ من ذلكَ، وبهذا الدليلِ حملوا الأمرَ علَى الاستحبابِ، ورُبَّما أُخرِجَ عن ظاهرهِ بأقيسَةٍ شَبهيةٍ تدُلُّ علَى عدَمِ الوجوبِ، ولسنا ننَشطُ لذكرِ مثلَ ذلكَ.

وأمَّا مَنْ ذهبَ إلَى وجوبِهِما معاً، فلهُ حُجَّتُه في صيغةِ الأمرِ الواردةِ في هذا الحديثِ مع صيغةِ الأمرِ (١) بالمضمَضَةِ في حديثٍ آخرَ (٢).

وأمَّا مَنْ قالَ بوجوبِهِما في غسلِ الجنابةِ دونَ الوضوءِ، فلهُم في وجهِ التفرقَةِ طريقةٌ تَرجِعُ إلَى مراعاةِ الظاهرِ والباطنِ بالنِّسبَةِ إلَى الفمِ والأنفِ، أو إلَى مراعاةِ لفظِ البشرةِ (٣) مع ما وردَ من تعليقِ الحُكمِ بها، والتحقيقُ بعدَ النظرِ إلَى هذا أنْ يُطلَبَ لفظٌ يدلُّ علَى تعليقِ الحكمِ بما علَّقهُ بهِ المجتهدُ؛ فإنْ كَان من الإخبارِ فيُطلَبُ تصحيحُهُ أيضاً، وهذا الحديثُ يُعارضُ مذهبَهُم بالنِّسبَةِ إلَى الاستنشاقِ في الوضوءِ، فيحتاجونَ إلَى ما يُوجِبُ صَرفَ الأمرِ عن ظاهرِهِ.

وأمَّا مَنْ ذهبَ إلَى وجوبِ الاستنشاقِ دونَ المضمَضَةِ فقَد ذُكِرَ فيهِ أنَّ الأمرَ واردٌ بهِ دونَ المضمَضَةِ، فإنْ كَان أُريدَ بهِ نفيُ الأمرِ بالمضمضَةِ مُطلقاً؛ فأولاً: في إثباتِ ذلكَ عُسرٌ.


(١) في الأصل: "أمر"، والمثبت من "ت".
(٢) سيأتي تخريجه من حديث لقيط بن صبرة.
(٣) "ت": "النثرة".

<<  <  ج: ص:  >  >>