للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنتَفِقِ" (١) بغيرِ ألفٍ، قالَ: ووجهُهُ أنَّهُ جَعلَ نفسهُ بمنزلةِ الوفدِ الذين هُم الجماعةُ؛ لأنَّ العادةَ في مثل هذا الأمرِ العظيم أِن لا ينفرَ (٢) فيهِ إلا جماعة منَ الرُّسُلِ، لاسيَّما مثل القدومِ علَى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وما كان قد ظهرَ من أمرِه العظيمِ وشأنِهِ الجليلِ، الذي غيَّر الأديانَ ونسَخَ (٣) الشرائِعَ، فانثالَ (٤) الناسُ إليهِ بالوقوفِ علَى حقيقةِ أمره، وكنهِ شأنِهِ، فكانَ (٥) كلُّ قومٍ يُنفِذونَ إليهِ جماعةً من أعيانهِم وأشرافِهِم، يكشِفونَ لهم ذلِكَ، وما كانوا يقنعونَ بالواحدِ والاثنينِ، إنما كانوا يَندبونَ إليهِ جماعةً، فلمَّا كانَ هذا الرجُلُ عظيماً في قومِهِ، نزلوهُ مَنزِلَ الجماعةِ في الوثوقِ والاكتفاء بهِ في الإصدارِ والإيرادِ، فندبوه وحدَهُ، فقالَ: كنتُ وفدَهُم؛ أي: الذي سدَّ مَسدَّ وفدِهِم، وقامَ مقامَهُ، وجائزٌ في العربيةِ أنْ يَردَ لفظُ الجماعةِ ويرادَ بهِ الواحِدُ؛ كقولهِ تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} [آل عمران: ١٧٣]، أرادَ بالناسِ الأؤلِ: نُعَيمَ بنَ مَسعودٍ، وبالثاني: أبا سفيانَ بنَ حربٍ؛ كذا جاءَ في التفسيرِ.


(١) رواه الإمام الشافعي في "مسنده" (ص: ١٥)، ومن طريقه: البيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٣٠٣).
(٢) "ت": "لا ينفد".
(٣) في الأصل: "عبر الآذان وفتح"، والمثبت من "ت".
(٤) انثال الناس: انصبوا وتوافدوا إليه.
(٥) "ت": "وكان".

<<  <  ج: ص:  >  >>