للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الملةِ ظاهرًا، لكنهم نودوا فتكون لهم هذه العلامة.

وقد يقوَى هذا بقوله - صَلَّى الله عليه وسلم -: "إنَّ أمتي يأتون يومَ القيامةِ غُرًّا مُحجَّلين من أثر الوضوء" وهو ظاهر في العمومِ في الأَتْباع، فإذا أضيف إليه رجال يُذَادون ويُطْرَدون؛ لأنَّهُم بدلوا بعده - صلى الله عليه وسلم -، جاء منه هذا المذهب، وكذلك ظاهر قولهم: "كيف تعرف من يأتي بعدك من أمتك"، وقوله - صَلَّى الله عليه وسلم - في الجواب: "أرأيت لو أن رجلًا له خيلٌ غُرٌّ محجَّلةٌ بين ظهري [خيلٍ] (١) بُهمٍ، ألا يعرف خيلَه؟ "قالوا: بلَى، يا رسول الله! قالَ: "فإنهم يأتون غراً محجَّلين من الوضوء"، وإذا أضيف إليه ما ذكرناه من الذِّيادِ، قَرُبَ ما قالَ.

ويعُترض علَى هذا: بأنَّهُ جعل انتفاء العلامة دليلاً علَى عدم النداء، فيمنع ذلك المذهب أنْ يكونَ النداء لتقدم معرفة في دار الدُّنيا.

الثَّاني: إذا انتهَى الأمرُ إلَى هذا، قلنا: أنْ يقول: لِمَ لا يجوزُ أن تكونَ هذه العلامة من حيثُ هي هي؟ ولا يلزم من ذلك أنْ يكونَ انتفاؤها في بعض الأفراد دليلاً علَى الخروجِ علَى الملةِ.

بيانه: أن تتميز الأمة بمعنى التابعين مطلقاً تميزاً كالمكانِ مثلاً، ويدخل فيه من ليس بمؤمن حقيقي، فلا يكون انتفاء هذه العلامة الخاصَّة في الفردِ دليلاً علَى خروجه عن الملةِ؛ لأنَّ (٢) هذه العلامة موجودة في


(١) زيادة من "ت".
(٢) "ت": "لا" بدل "لأن".

<<  <  ج: ص:  >  >>