للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وقد ذكر أبو الفتح ما يدل على أن أبا علي اعتمد في تقبيح ذلك على ما ذكرته، فقال في كتاب "القَدّ" له، قال أبو علي: إن ضربت اليوم زيدًا وأمسِ عمرًا يضعف؛ للفصل بين الواو وما نصبته إذا كانت هي الآن العامل، قلت له: فإذا كانت [هي] (١) الآن عاملًا فهلًا لم يقبح؟ ضربتُ أمس زيدًا واليوم عمرًا، أَوَلاَ تراك تقول مبتديًا (٢): ضربت اليوم عمرًا فلا يقبح، والواو عندك بمنزلة ضربت في أنها الآن العامل؟ فقال: هي وإنْ كانتِ العاملَ فإنها مُقَامةٌ مقامَ العامل الأول الأصلي، فضعُف الفصلُ بينهما، وإن لم يضعفِ الفصل بين العامل الأول الأصلي وبين ما عمل فيه؛ لضعف ما أقيم مقام الشيء أن يجري مجرى الشيء نفسه.

قلت: هذا الكلامُ يقرر أنَّ الفصلَ بين حرف العطف وما عمل فيه بالظرف ضرورةٌ، وهذا قد يسلم، والذي اعترض به المعترض على أبي عليّ يقتضي أنه ليس ثَمَّ فَصْلٌ بين حرف العطف وما عمل فيه، ألا تراه كيف مثَّل: أعطيت زيدًا درهما، وبكرًا دينارًا، في فصيح الكلام، ولا يعتقد أحدٌ أنَّك فصَلتَ بين حرف العطف والمعطوف الذي هو (دينار) بـ (بكر)، فقد بقي أن يكون من باب الفصل، والذي حكي عنه من أنه ليس ضرورةَ يريد به نفيَ ضرورةِ كونهِ فَصَلَ بين حرف العطف والمعطوف، لا نفي كون الفصل إذا وقع ضرورةً،


(١) زيادة من "ت".
(٢) في الأصل: "معتديًا"، "والتصويب" من "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>