لا يقع بينهما مصاحبة واشتراك إلا في حكم يجمع بينهما، ولذلك لا تكون الواو التي (١) بمعنى (مع) إلا بعد فعل لفظًا أو تقديرًا لتصحَّ المعيَّةُ، وكمالُ معنى المعية الاجتماعُ في الأمر الذي به الاشتراك في زمان ذلك الاشتراط، ويستعمل أيضًا لمجرد الأمر الذي به الاشتراك والاجتماع دون زمانِ ذلك. فالأول يكثر في أفعال الجوارح والعلاج، نحو: دخلت مع زيد، وانطلقت مع عبد الله، وقمنا معًا، ومنه قوله تعالى:{وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ}[يوسف: ٣٦]، {أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا}[يوسف: ١٢]، {فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا}[يوسف: ٦٣]، {لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ}[يوسف: ٦٦].
والثاني: يكثر في الأفعال المعنوية، نحو: آمنت مع المؤمنين، وتبتُ مع التائبين، وفهمتُ المسألة مع مَنْ فهمها، ومنه قوله تعالى:{يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ}[آل عمران: ٤٣]، {وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ}[التحريم: ١٠]، {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى}[طه: ٤٦]، {إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}[الشعراء: ٦٢]، أي: بالعناية والحفظ، {يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ}[التحريم: ٨]، يعني: الذين شاركوه في الإيمان، وهو الذي وقع به الاجتماع والاشتراك من الأحوال والمذاهب، وقد ذُكر الاحتمالان المذكوران في قوله تعالى:{وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ}[الأعراف: ١٥٧] فقيل: إنه من باب المعية في الاشتراك، فيما به الاجتماع والزمان على حذف