للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول، كالمواضع التي ذكرناها، ووجه آخر في التخريج، وهو أن يقال: هذا من قبيل الأسباب والمسببات التي لا يؤثر فيها السبب إلا على إمكان تأثيره، فإن لم يمكن، صَرَفْنا إلى وجه آخر، وإن أمكن أَعمَلْناه، والتعذر في بعض الأماكن التي لا يمكن الإعمال فيها، لا يوجب نفي السببيَّة حيث يمكن.

وهذا كما قيل في قوله عليه الصلاة والسلام: "الصلَوَاتُ الخمْسُ، والجمُعَةُ إلى الجمُعَةِ، ورَمضَانُ إلى رَمضَانَ؛ مُكَفرات لما بَيْنَهُنَّ، ما اجْتُنِبَتِ الكَبائِرُ" (١)، حيث أورد عليه أنه إذا فعلت الصلوات الخمس فكفرت، فما يبقى لصلاة الجمعة؛ وإذا فعلا معاً - أعني: الصلوات الخمسَ والجمعةَ - فما يبقى لرمضان؟ فقيل في الجواب: إنها أسباب للتكفير إن وَجَدَت ما يُكَفَّر.

فكذلك نقول هاهنا: فعل المضمضة والاستنشاق والانتثار سبب لخروج خطايا الوجه، وكذلك غسل الوجه، فإن وُجِدَ السببُ الأول، وحدَثَت خطايا بعده، كان الغسل مكَفراً لها، وإن لم توجد خطايا بعدَه، لم يقع مسببِّها لعدم الخطا [يا] (٢) في المحل، ولا يزيل ذلك السببية، بمعنى الصلاحية للتكفير.


(١) تقدم تخريجه.
(٢) زيادة من "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>