على اللفظ، فجرى أحدهما مع الآخر مجرى المُفسِّر مع المُجْمَل، والحقيقةِ مع المجازِ، ولا يقدح في ذلك أن اللفظ أبعدُ من الموضع، الذي بيَّنَ (١) ذلك: قولُهُ تعالى، وذكر الآيتين:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا}[المائدة: ٥٧]{وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً}[الأنعام: ٩٩] وأجاب عن إعمال الأقرب، الذي ذكره الشريف، واستشهد عليه بأن قال: إن شيئًا من ذلك لا يوجب أن يكون الأمرُ على ما قاله، وذلك أنه ليس في شيء مما ذكره معطوفٌ تقدَّمَه أمران؛ أحدهما من جهة اللفظ، والآخر من جهة الموضع، فترك حمله على اللفظ إلى حمله على الموضع.
قال: ثم يقال: كيف ادَّعى نصَّ أهلِ العربية على ما ذكروه، وقد يعلم أن هذا بابٌ قد اختلف فيه الكوفيون والبصريون، وشَرْحُ ذلك أنَّ القائلَ إذا قال: ضربت وضربني زيد، فالاختيار عند البصريين إعمال الثاني؛ لأنه أقرب إلى الاسم، وعند الكوفيين إعمال الأول؛ لأنه أسبق، فإعمال الثاني على تقدير: ضربت زيدًا، وضربني زيد، إلا أنَّك حذفت المفعولَ من الأول، مستغنيًا بما دل عليه بعدَه، وإعمالُ الأول على تقدير: ضربتُ زيدًا، وضَرَبَني، فتضْمِر في (ضربني) ما يرجع إلى (زيد)، ويكون فاعلاً لضربني، ثم ذكر الفقيهُ شواهدَ على إعمال الأول؛ منها قول عمر بن أبي ربيعة [من الطويل]: