للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به، إلا أنك إذا قدرتها مصدراً، احتجت إلى تقدير حذف مضاف قبل أدنى، تقديره: لمديم أدنى عيش، فيكون تقدير البيت عنده، إذا جعلت (معيشة) اسمَ ما يعاش به: فلو أن طلبي لأدنى ما يعاش به؛ وهو القليل، كفاني ذاك (١) القليل، ثم قال: ولم أطلبه، أي: ولم أطلب ما ذكرته أولًا من قليلِ ما يُعاش به، وإنما أطلب الملك، فيكون القليل على هذا تعلَّقَ لكل واحد من العاملين، إلا أنه أعمل الأولى، وحذف معمول الثاني للضرورة، ونظير ذلك قول الفرزدق [من الوافر]:

وإنْ شِئْتُ انتسبْتُ إلى فقيمٍ ... وناسَبَني وناسَبْتُ القُرود (٢)

أي: ناسبتني، وناسبتهم القرود، وقول عاتكة بنت عبد المطلب [من مجزوء الكامل المرفل]:

بِعُكَاظَ يُعشي النَّاظريـ ... ـن إذا هُمُ لَمحُوا شُعَاعُهْ (٣)

ويكون تقدير البيت عنده، إذا جعلت (معيشة) مصدراً: فلو أن مطلبي لمديم سيء العيش، وهو القليل؛ لأن من لازم الإقلال، خالف سوء الحال، فيكون أيضاً العاملان في هذا الوجه متوجِّهَيْن على القليل من جهة المعنى.

قال أبو الحسن بن عصفور: وهذا الذي خَرَّجَ عليه الأستاذ أبو


(١) "ت": "ذلك".
(٢) انظر: "طبقات فحول الشعراء" لابن سلام (٢/ ٣٠٦)، و"الأغاني" للأصفهاني (١٠/ ٣٥٤).
(٣) انظر: "الحماسة بشرح المرزوقي" (٢/ ٧٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>