للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسمى الشحمَ ندًى؛ لأن الندى يكون سببًا فيه، فلما كان كذلك لم يمتنع بأن يُطلق اسمُ الأرجل على الخِفاف، لمجاورتها إيَّاها، وأنْ تُحمَلَ القراءة بالجر على ذلك لما تقدم ذكره من الدلالة، ولا يمتنع أن يكون الفعلانِ في الطاهر متساويين، ويقدَّرَ في أحدهما غيرُ ما يقدر في الآخر، كقوله - جل ثناؤه -: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} [المائدة: ٣٣] تقديره فيما روي عن ابن عباس: أن يُقتَّلوا إن قَتَلوا، أو يصلَّبوا إن قتلوا وأَخَذوا المالَ، أو تُقَطَّع أيديهم وأرجلُهم من خِلاف إن أخذوا المال، أو يُنْفَوا من الأرض إن هربوا بعد وجوب الحَدِّ عليهم، وذلك بأن يُطلبوا حتى يؤخذوا فيقامَ عليهم الحدّ (١)، وكذلك إذا كانت القراءتان بمنزلة اللفظتين، فكأنَّه قال: وأرجلكم إلى الكعبين، وقيل أراد بقوله: (وأرجلكم) المسحَ، إذا كانت القدمان في الخفين، وبقوله:

(وأرجلكم إلى الكعبين) [الغسل] (٢) إذا كانتا بارزتين، ولا ينكر أن تكون القراءتان على معنيين، وعلى تقدير حالين ووقتين،


(١) رواه الإِمام الشافعي في "مسنده" (ص: ٣٣٦)، وفي "الأم" (٦/ ١٥١ - ١٥٢)، ومن طريقه: البيهقي في "السنن الكبرى" (٨/ ٢٨٣).
وانظر: "التلخيص الحبير" لابن حجر (٤/ ٧٢).
(٢) زيادة من "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>