وذكر البيهقي في تقوية هذه الرواية أشياء ذكرها، ونحن نذكر ما يمكن أن يقوله مخالفوه، مع الاستعاذة بالله من تقوية الباطل أو تضعيف حق. قال البيهقي: وقد أنكر بعض الحفَّاظ رفع هذا الحديث على محمد بن ثابت العبدي؛ فقد رواه جماعة، عن نافع، من فعل ابن عمر، والذي رواه غيره عن نافع من فعل ابن عمر إنَّما هو التَّيمم فقط؛ فأمَّا هذه القصة فهي عن النَّبيُّ - صَلَّى الله عليه وسلم - مشهورة برواية أبي الجهم الحارث بن الصمة وغيره. وينبغي أن يتأمل فيما أنكره هذا الحافظ، هل هو أصل القصة أو روايتها من حديث ابن عمر، أو رفع محمد بن ثابت للمسح إلى المرفقين، وفي كلام البيهقي إشارة إلى أن المنكر إنَّما هو رفع مسح اليدين إلى المرفقين، لا أصل القصة وروايتها من حديث ابن عمر؛ لأنَّه قال: والذي رواه غيره عن نافع من فعل ابن عمر إنَّما هو التَّيمم فقط، وكيف يمكن أن يتأتى رواية هذه القصة على هذا الوجه موقوفة على ابن عمر، فيتعين أن يكون المنكر عند من أنكر هو المسح إلى المرفقين، وأن التعليل برواية غيره موقوفة؛ فإنَّه إذا كان المشهور أصل القصة من رواية أبي الجهم، وليس فيها ذكر المرفقين، فليس ينفع ذلك في تقوية رواية محمد بن ثابت، بل قد عده خصومه سببًا للتضعيف، وأن الذي في الصحيح في قصة أبي جهم: ويديه، وليس فيه: وذراعيه، والله أعلم، انتهى. وانظر: "نصب الراية" للزيلعي (١/ ١٥٢).