للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[من السريع]:

إنْ شِئْتَ أنْ تُصْبحَ بينَ الوَرَى ... ما بَيْنَ شَتَّامِ ومُغْتَابِ

فكُنْ عَبُوسًا حينَ تلقاهُمُ ... أو خَالِطِ النَّاسَ بإِغْرابِ (١)

وقد ينتهي بعضُ المتنطِّعين في هذا إلى سوءِ العِشْرة، والإنكار فيما لا يُنْكَر، بل ربَّما ينتهي بعضهم إلى إنكارِ استعمالِ المَجَازِ في اللغةِ، التي امتلأت لغةُ العربِ منه، وربَّما فوَّتَ بعضُهم مصالحَ، وأوقعَ مفاسدَ أشدَّ ممَّا رغب فيه، أو نهى عنه.

والثامن عشر منها: المَدْحُ، وَرَدَ فيه الذَّمُّ: "احثوا في وَجْهِ المدَّاحِيْنَ التُّرابَ" (٢)، ويُحْمَلُ على المذمومِ منه، فإنَّ الإكثارَ من المدحِ فيه مفسدَةُ التخطي إلى الكذب والوقوع فيه، ومفسدةُ فسادِ نفسِ الممدوحِ، بما يحدث عنده من الكِبْرِ، والفخرِ، فاليسيرُ (٣) منه عند مسيسِ الحاجة إليه ترغيبٌ للممدوح ممَّا مُدِحَ به، وتذكيرٌ له بنعمة الله عليه ليشكُرَها، فيتحرَّزُ من المفسدة، ويفعل المصلحةَ، حيثُ تؤْمَنُ الفتنةُ للممدوحِ.

قال بعض المتكلمين في هذا المعنى: وعلي الجملة، فلا ينبغي


(١) البيتان لابن وكيع التنيسي، كما ذكر الثعالبي في "يتيمة الدهر" (٥/ ٤٠).
(٢) رواه مسلم (٣٠٠٢)، كتاب: الزهد والرقائق، باب: النَّهي عن المدح إذا كان فيه إفراط، وخيف منه فتنة على الممدوح، عن المقداد بن عمرو رضي الله عنه.
(٣) في الأصل في "اليسير"، والمثبت من "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>