للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و [أما] (١) إن كان محلُّ النطق نفيًا، أو [ما] (٢) في معناه، كما في هذا الحديث الَّذي نحن بصدده، وهو قولُه عليه السلام: "لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِيْ الْمَاءِ الدَّائِمِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ مِنْهُ"، فإنه يقتضي انتفاءَ الحكم - وهو النفي - عن المخالف (٣)، فيكون الثابت للمخالف إثباتًا، فإن مُطْلقَ الحكم في السَّوم ليس يلزم منه العموم، فإن العمومَ له صيغٌ مخصوصةٌ، لا كلُّ صيغةٍ، فإذا كان بعضُ الألفاظِ المنطوقِ بها لا تدلُّ على العموم إذا كانت في طرف الإثبات، فما ظَنُّكَ بما لا لفظَ فيه أصلًا؟

ومن ادَّعى أنَّ مقتضى المفهومِ يدل على العموم في مثل هذا، فلابدَّ له من دليل، وقولُ القائل: ومتى جعلناه حجةً لزم أيضًا انتفاءُ الحكم في جملة صورِ انتفاءِ الصفةِ، وإلا لم يكن للتخصيص فائدةٌ، ممنوعٌ؛ لأنّا إذا علَّقنا الحكمَ بالمسمَّى المطلقِ كانت فائدةُ المفهوم حاصلةً في بعض الصور ضرورةً، فلا يخلو المفهومُ عن فائدة، وفي مثل هذا يتوجَّهُ كلامُ الغزالي.

فهذه مباحثةٌ عرضتُها عليكَ لتنظرَ فيها، ثم بعد ذلك نقول: قد يُأخَذُ عمومُ الأحكام في أفراد المخالف من أمرٍ خارجٍ عن دلالة المفهوم، مثل أن يكون الإجماع قائمًا على عدم افتراق الأحكام، أو


(١) سقط من "ت".
(٢) زيادة من "ت".
(٣) "ت": "عن المخالف، وهو النفي".

<<  <  ج: ص:  >  >>