للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قولٌ جديد: أنه يجب التباعدُ عن النجاسة الجامدة بمقدار قلتين، والقديمُ على خلافه، وهو المرجَّحُ عند أصحابه على خلاف المعتاد (١)، وقد عُلِّلَ (٢) بأنَّ ما دونَ القلتين مما يجاوِرُ النجاسةَ لو كان وحدَهُ لكان نجسًا، فكذلك إذا كان معه غيرُه، وأثرُ الكثرة دفعُ النجاسة عمَّا وراءَ ذلكِ القدرِ، وهذا التعليلُ يقتضي إفرادَ ما دونَ القلتين في الاعتبار عما اتَّصلَ به، وجعلَهُ كالمتفرد، فإنْ صحَّ ذلك فله أن يستدِلَّ بهذا الحديث؛ لأنه ماءٌ [قد] (٣) اغتسل منه بعدَ [ما هو في معنى] (٤) البول فيه، [وهو ما دون] (٥) القلتين مما يجاور النجاسة، إلا أنه يردُّ ذلك بأنَّ الجميعَ ماءٌ واحد محكومٌ له بالكثرة.


(١) تقدم ذكر هذه الفائدة عند المؤلف في الحديث الأول عند المسألة الثالثة والعشرين منه. وذكرت هناك أن الإمام النووي قال في "المجموع" (١/ ١٩٧): وهذه من المسائل التي يفتى بها على القديم، وقد حكى الشيخ أبو علي الشنجي: أن الشافعي نص في كتابه "اختلاف الحديث" على موافقة القديم، وحينئذ لا يسلم كون الإفتاء هنا على القديم.
قلت: وقد عدَّ النووي في "المجموع" (١/ ٦٦) نحو عشرين مسألة يفتى فيها بالقديم، وقد يُختلف في كثير منها. ثم قال: ثم إن أصحابنا أفتوا بهذه المسائل من القديم، مع أن الشافعي رجع عنه، فلم يبق مذهبًا له، هذا هو الصواب الَّذي قاله المحققون، وجزم به المتقنون من أصحابنا وغيرهم. وانظر في ذلك: "فتاوى ابن الصلاح" (١/ ٦٨)، و"أعلام الموقعين" لابن القيم (٤/ ٢٣٩).
(٢) أي: القول الجديد للشافعي رحمه الله.
(٣) سقط من "ت".
(٤) سقط من "ت".
(٥) "ت": "أعني مقدار".

<<  <  ج: ص:  >  >>