للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا ينتقلُ إليه حكمُ الجنابة بخصوصه (١)؛ لأنَّ ذلك محالٌ عقلاً، فلا يجوز حملُ [لفظِ] (٢) الشارعِ عليه، فبقِي على أن يُحمَلَ على معنى أعم من هذا المعنى، بأن يُؤخَذَ مطلقُ المنع وجنسُه لا المنع الخاص، ويقال: إن الجنبَ تعلق به منعٌ بسبب الجنابة، ولا يتعلق بالماء منعٌ بسبب الجنابة، هذا إن لم يُزاحَم بمعنى آخر ينافيه.

قال أبو سليمانَ الخطابيُّ رحمه الله تعالى: قوله: "إنَّ الماءَ لا يجنبُ" معناه: لا ينجُس، وحقيقتُهُ: أنه لا يصيرُ بمثل هذا الفعل إلى حالةٍ يُجتنبُ فلا يُستَعملُ، وأصلُ الجنابة البعدُ، ولذلك قيل للغريب: جُنُب؛ أي: بعيد، وسُمِّي (٣) المُجَامعُ - ما لم يغتسل - جُنُباً؛ لمجانبته الصلاةَ وقراءةَ القرآنِ، كما يُسمَّى الغريبُ جنباً لبعده عن أهلِه ووطنِه.

وقد رُوِيَ: "أربعٌ لا يَجْنُبْنَ: الثوبُ، والإنسانُ، والأرضُ، والماءُ" (٤)، وفسَّروه: أنَّ الثوبَ إذا لاصقه عرقُ الجنب لم ينجُس (٥)، والإنسانَ إذا أصابته الجنابةُ لا ينجس، وإن صافحه جنبٌ أو مشركٌ لم ينجُسْ، والماءَ إذا أَدخلَ يدَه فيه جُنُبٌ أو اغتسلَ لم ينجُس، والأرضَ


(١) في الأصل: "مخصوصة"، والمثبت من "ت".
(٢) زيادة من "ت".
(٣) "ت": "فسمِّي".
(٤) رواه الدارقطني في "سننه" (١/ ١١٣)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (١/ ٢٧٦)، عن ابن عباس من قوله.
(٥) في المطبوع من "معالم السنن": "وفسروه: أن الثوب إذا أصابه عرق الجنب والحائض لم ينجس ... ".

<<  <  ج: ص:  >  >>