للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كون مالك رواه وأخرجه، مع ما عُلِمَ من تشدُّدِهِ وتحرُّزِهِ في الرجالِ.

قرأت بخط الحافظ أبي الفضل محمَّد بن طاهر وروايته في "سؤالات أبي زرعة" قالَ: سمعتُ أحمدَ بن حنبل يقول: مالك إذا رَوَى عن رجل لمْ يُعرَفْ فهو حجَّةٌ (١).

ورَوَى طاهر بن خالد بن نزار، عن أبيه، عن سفيان بن عُيَينةَ: أنَّهُ ذكر مالكَ بن أنس فقال: كان لا يُبَلِّغُ من الحديثِ إلا صحيحاً، ولا يُحدِّثُ إلا عن ثقات الناس، وما أرَى المدينةَ إلا ستَخْرَبُ بعد موت مالك بن أنس (٢).

وهذا اللَّفظ الَّذِي لسفيانَ أعمُّ من كلام أحمدَ الَّذِي قبله مع احتمال كلام أحمد لموافقته.

وذكر بشر بن عمر الزَّهراني قالَ: سألتُ مالكَ بن أنس عن رجلٍ فقال: هلْ رأيتَهُ في كتبي؟ قُلْتُ: لا، قالَ: لو كان ثقةً لرأيته في كتبي (٣).

وهذا يُفهَمُ مِنهُ أنَّ كلَّ من في كتبه ثِقَةٌ، وإنْ كَان قد شَغَّبَ في هذا بعضُ المُتَأخِّرين؛ لأنَّهُ لا يلزم من كون كلِّ ثقةٍ في كتابِهِ أنْ يكونَ


(١) نقله عن أبي زرعة: ابن رجب في "شرح علل الترمذي" (١/ ٣٧٧).
(٢) انظر: "التمهيد" لابن عبد البر (١/ ٧٤).
(٣) رواه الرامهرمزي في "المحدث الفاصل" (ص: ٤١٠)، والعقيلي في "الضعفاء" (١/ ١٤)، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (٢/ ٢٢)، وابن عبد البر في "التمهيد" (١/ ٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>