للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: الحقيقةُ: الاتِّباع بالجسم، والمجاز كثير شائع، فمن الحقيقة: {فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ} [الدخان: ٢٣]، {فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ} [الشعراء: ٦٠]، {ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا} [الكهف: ٨٩]، {فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ} [المؤمنون: ٤٤]، والمُسْتَتْبَع من البهائم: التي يتبعُها ولدُهها، والتَّبِيع: ولدُ البقرة إذا اتَّبع أمَّه.

ومن انطلاقِهِ على المعنى: {فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ} [البقرة: ٣٨]، {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} [الأعراف: ٣]، {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي} [يوسف: ٣٨]، {وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ} [الشعراء: ١١١]، {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الجاثية: ١٨]، {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} [البقرة: ١٠٢]، {وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} [البقرة: ١٦٨]، {وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [ص: ٢٦].

ومن المحتَمِلِ للأمرين: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ} [الكهف: ٦٦]، فيحتَمِلُ أنْ يكونَ من الحقيقة، بمعنى أنْ يتقدَّمه ويتَّبِعَه ليتعلَّمَ منه، ويَحْتَمِل أن يكونَ من المجازِ؛ أي: أَلْتَزِمُ اتِّباعَك واقتفاءَ أمرِك، والمجازُ هنا (١) أقرب.

ومن المحتمل أيضاً: ما في هذا الحديث من اتِّباع الجنازة، وعلي هذا ينبغي ما الأفضلُ؛ هل المشيُ خلفَها أو أمامَها، وسيأتي ذلك إن شاء الله تعالى.


(١) "ت": "ها هنا".

<<  <  ج: ص:  >  >>