للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلمْ أنَّه قد وردَ في بعض فروض الكفايات ما يدل على مثل [هذا] (١) الحكمِ، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: "مَنْ ماتَ، ولَمْ يَغْزُ، ولَمْ يحدِّثْ نَفْسَهُ بالغَزْوِ، ماتَ على شُعْبَةٍ من النِّفَاقِ" (٢)، فإنَّ لَفْظَ "مَنْ" للعموم، فيقتضي طلبَ الجهاد، أو العزمَ مِنْ كلِّ أحدٍ عليه (٣)؛ أي: على مُطْلَقِ الجهاد.

وأما القسمُ الثالث - وهو الوجوبُ على الكفاية مع العموم في المرضى - فمقتضاه: أن تجبَ في حقِّ كلِّ مريض عيادةُ عائدٍ وجوبًا على الكفاية، يسقطُ بفعل البعض، فهذا قسمٌ مُخْتَلَفٌ فيه؛ لأنّ بعضَ النَّاس يُوجِبُ عيادةَ كلِّ مريضٍ على وجهٍ سنذكره إن شاء الله تعالى، فهذا يقول بهذا القسم وهو محافظٌ (٤) على صيغةِ العموم في المريض، وليس محافظاً على العموم في ضمير المخاطَبِيْن، وأمَّا على المذهب المشهور فإنَّما يجب عيادةُ مريضٍ يضيعُ بترْكِ عيادتِهِ، فلا يستقيمُ الوجوبُ في حقِّ جميعِ المرضى على هذا.

وأما القسمُ الرابع: وهو أن يجبَ على الكفاية عيادةُ مطلقِ المريض، لا على العموم، فهذا ثابتٌ على مذهب الجمهور؛ لأنّه


(١) سقط من "ت".
(٢) رواه مسلم (١٩١٠)، كتاب: الإمارة، باب: ذم من مات، ولم يغز، ولم يحدث نفسه بالغزو، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٣) "ت": "فيقتضي طلب الجهاد أو الغزو والعزم عليه من كل أحد".
(٤) "ت": "يحافظ".

<<  <  ج: ص:  >  >>