للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد قالوا في الأصول: إنّ المسألة معناها أنهم يُعاقَبون عليها في الدار الآخرة (١)، وهذا ممَّا لا يثبت بالعقل وإنما يثبت بالنقل، فإن وُجِدَ دليل يدل عليه فقد ثبتت (٢) الحرمة، وترتب عليها الظلم، وترتب عليها وجوب النصرة في المسائل المذكورة، وإن لم يقم دليل عليه، فسبب وجوب الحكم بين المسلم والذمي أنَّ ظلم المسلم للذمي وبالعكس حرام، والأول بمقتضى العهد، والثاني بمقتضى الدين.

وأما في مسألة حكم الذميين أو المعاهدين، فهو يبنى على ما قلناه من أن مالَ الكافرِ على الكافر حرام، أم لا؟

فإن قيل به، دخل في نصرة المظلوم، وإن لم يُقَلْ به، خرج منه (٣) ما إذا جاء الحربيُّ لأجل مال الذميّ؛ لأنه لا يكون حينئذٍ من باب الظلم، ويكون عن الذمي من باب الوفاء بمقتضى الذمّة، وبهذا ينظر ما في المسائل المذكورة، وقد يُستدلُّ على أنه ليس من باب الظلم بقوله تعالى: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ} [المائدة: ٤٢]، فإنه لو كان ظلمًا لزمه التخصيصُ في نصرة المظلوم، ومخالفة القاعدة الكلية التي فُهمتْ من الشرع في دفع


(١) انظر: "البرهان" للجويني (١/ ٩٢)، و"الإحكام" للآمدي (١/ ١٩١)، و"الإبهاج" للسبكي (١/ ١٧٧)، و"الموافقات" للشاطبي (٣/ ٣٥٥).
(٢) في الأصل: "ثبت"، والمثبت من "ت".
(٣) "ت": "عنه".

<<  <  ج: ص:  >  >>