للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو مات جوعاً، فهذا أيضاً إذا اشتدَّ الأمرُ فيه لم يبعد أن يرخَّص له في السكوت.

وأما الجاه: فهو أن يؤذيَه شريرٌ، ولا يجدُ سبيلاً إلى دفع شره إلا بجاهٍ يكتسبه من سلطان، ولا يقدر على التوصل إليه إلا بواسطة شخص يلبس الحريرَ أو يشرب الخمرَ، ولو احتسب عليه لم يكن واسطةً ووسيلة [له] (١)، فيمتنع عليه حصولُ الجاه، ويدومُ بسببه أذى الشريرِ.

فهذه كلُّها إذا ظهرت وقَوِيت لم يبعد استثناؤها، ولكنَّ الأمرَ فيها منوطٌ باجتهاد المحتسب حتى يستفتيَ فيها قلبَهُ، وَيزِنَ أحدَ المحذورَيْن بالآخر، ويرجِّحَ بنظر الدين، لا بموجب الهوى والطَّبعْ.

وأما القسم الثاني، وهو فوات الحاصل: فهو (٢) مكروهٌ معتَبرٌ في جواز السكوت في الأمور الأربعة إلا العلم، فإن فواتَه غيرُ مخوف إلا بتقصير منه، وإلا فلا يقدِرُ أحدٌ على سَلْبِ العلم من غيره.

ثم قال: وأما الصحَّة والسلامة ففواتُها بالضرب، فكل مَنْ عَلِمَ أنه يُضْربُ ضرباً مؤلماً [مبِّرحاً] (٣) يتأذى به في الحسبة، لم تلزمه الحسبةُ، وإن كان ذلك يستحب له كما سَبق (٤)، فإذا فُهم هذا في


(١) سقط من "ت".
(٢) "ت": "قال: فهو".
(٣) سقط من "ت".
(٤) "ت": "وإن كان يستحب له ذلك".

<<  <  ج: ص:  >  >>