للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكن للحسبة وجوبٌ أصلاً، إذْ لا تنفكُّ الحسبةُ عن ذلك، إلا إذا كان المنكرُ هو الغيبة، وعَلِمَ أنه لو أنكر لم يسكت [عن] (١) المغتاب، ولكن أضافَه إليه، وأدخله معه في الغيبة، فتحرُم هذه الحسبة؛ لأنّها (٢) سبب لزيادة المعصية، وإن علم أنه يتركُ تلك الغيبةَ، ويقتصرُ على غيبته، فلا تجب [عليه] (٣) الحسبة؛ لأنَّ غِيبتَه أيضاً معصيةٌ في حق المغتاب المذكور، ولكن يستحب له ذلك؛ ليفديَ عرضَ المغتاب المذكور بعرض نفسه على سبيل الإيثار.

وقد دلَّت العموماتُ على تأكُّد وجوب الحسبة وعِظَم الخطر في السكوت عنها، فلا يقابله إلا ما عظُم في الدين خطرُه، والمالُ والنفسُ والمروءة قد ظهر في الشرع خطرُها، فأما مزايا الجاهِ والحشمةِ ودرجاتِ التجمُّل وطلب ثناء الخلق، فكل ذلك لا خطر له.

قال: وأما امتناعُه لخوف شيء من هذه المَكَاره في حق أولاده وأقاربه، فهو في حقه دونَه؛ لأنَّ تأذِّيَه في حق نفسه (٤) [أشدُّ من تأذيه بأمر غيره، ومن وجه الدين هو فوقَه؛ لأنَّ له أن يسامح في حقوق نفسه] (٥)، وليس له المسامحةُ في حقّ (٦) غيره، فإذاً ينبغي أن يمتنع،


(١) سقط من "ت".
(٢) "ت": "لأنه".
(٣) زيادة من "ت".
(٤) "ت": "لأن تأذيه بأمر نفسه".
(٥) سقط من "ت".
(٦) "ت": "حقوق".

<<  <  ج: ص:  >  >>