للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: لعله أخذ بالعموم في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أَفشُوا السلامَ بينكم" (١)، ولم يجعلِ الخطاب مخصوصًا بالمسلمين، [وهذا القول حكاه القاضي عن غير واحد] (٢) من السلف فقال: وقد اختلف العلماءُ في ردِّ السلام على أهل الذمّة، فألزمه جماعةٌ إلزامَ (٣) الردِّ على المسلمين لعموم الآية والحديث، وهو مذهب ابن عباس، والشعبي، وقَتادة.

وذهب غيرُهم إلى أنَّ الآية والحديث مخصوصان بالمسلمين بدليل تفسير هذه الأحاديث التي في الباب، وأنّه لا يردُّ عليهم، ورواه (٤) أشهب وابن وهب، عن مالك، قال: فإن رددتَ فقلْ: عليك.

والذي تقدَّم من قول من قال: يرد بـ: (عليك السلام)، ذكره القاضي عن ابن طاووس، ومما يُستدلُّ به على إباحة السلام قوله تعالى: {قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا} [مريم: ٤٧]، وقوله تعالى: {سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: ٨٩]، وأُجيب: بأنه لم يَقصد به التحية، وإنما قَصد به المقاطعة (٥) والمتاركة (٦)، والله أعلم.


(١) تقدم تخريجه.
(٢) في الأصل: "حكى القاضي من السلف"، والمثبت من "ت".
(٣) في الأصل: "التزام"، والمثبت من "ت".
(٤) "ت": "رواه".
(٥) في الأصل: "المناعة"، والمثبت من "ت"، وفيها: "لم تُقصد التحية، وإنما قُصدت المقاطعة".
(٦) انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (٧/ ٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>