للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُخْبَرِ عنه، وأنه لا يلزم من الجمع في الخبر الجمعُ في المخبَر عنه، فيجوز أن يكونَ النهيُ من النبي - صلى الله عليه وسلم - وقَعَ عن هذه الأشياء متفرقًا، وجَمَعَ الراوي بينها في خبوه، إلا أن هذا لا يتمُّ في جميع ما ذكر هاهنا، فإنه قد صحَّ: "لا تَلْبسوا الحريرَ والديباجَ" (١) من لفظ الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

والوجه الثاني: أنَّ اختلافَ الصور والهيئات قد يُوْهِم اختلافًا في الحكم، إذ يمكن أن يكون بعض تلك الأوصاف مُعتبرًا، ألا ترى أن الإستبرق ما غلُظ، فقد يُوهِم أن غِلَظَه يُخرجِه من الاعتبار في معنى التحريم؛ لأنَّ وصفَ اللِّين (٢) أقربُ إلى الرفاهية، ألا ترى إلى قولهم: {بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ} [الرحمن: ٥٤]، هذه البطائن فكيف الظهائر؟ (٣)، أو كما قيل.

وإذا كان اختلافُ الهيئات مما يُورث وهمًا، فذكرُ الأنواع المتعددة مفيدٌ في نفي اعتبار كلّ وصفٍ مخصوص من الأوصاف المذكورة، ويبين تعلَّقَ (٤) الحكم العام بالعام.


(١) تقدم تخريجه، وسيأتي الكلام عليه مفصَّلًا في الحديث الثاني من هذا الباب.
(٢) "ت": "الرِّقة".
(٣) رواه ابن مردويه في "أماليه" (ص: ٢٠٣)، من قول ابن مسعود - رضي الله عنه -. وانظر: "تفسير ابن كثير" (٤/ ٢٧٨).
(٤) "ت": "تعليق".

<<  <  ج: ص:  >  >>