للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حاسدين له أو طاعنين عليه، فَيُرْمَى بما يُرْمَى به تشنيعًا وحَسَدًا وتشهيرًا، أو يُضَخَّم خطؤه إذا ما أخطأ كما يكون من بني الإِنسان، حتى يُرى كأعظم ما يكون.

ولم يسلم حافظنا أبو بكر الخطيب رحمه اللَّه من ذلك، فرماه خصومه مرَّةً بالعصبية الشديدة لمذهبه والحطّ من بعض أئمة المذاهب الأخرى وخاصة من الإِمام أبي حَنِيفة النُّعْمَان رحمه اللَّه؛ وأخرى بأنَّ أكثر كتبه -سوى التاريخ- مستفاد من كتب شيخه الصُّوري، إلى غير ذلك ممَّا أتى على دراسته وتفنيده وردّه بعض مترجميه (١)، ممّا لا تتسع له هذه الترجمة الموجزة، فينظر في المصادر المشار إليها في الحاشية.

والحافظ الخطيب رحمه اللَّه قد وثَّقه معاصروه ومن أتى بعدهم وأشادوا -كما يلحظ القارئ لكلامهم بأمور عدة-: بإمامته وسعة علمه وتنوع معارفه، بحفظه المقترن بالضبط ومعرفة العلل والصحيح من السقيم، بكثرة مصنفاته المحررة المجودة، إلى غير تلك الخِلال.

[ومن أقوال الأئمة فيه]

قول الإِمام الحافظ أبي نصر عليّ بن هبة اللَّه المعروف بابن مَاكُولا (٢) (ت ٤٧٥ هـ): "كان أحد الأعيان ممن شاهدناه: معرفةً وإتقانًا، وحفظًا وضبطًا لحديث رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم، وتفتنًا في علله وأسانيده، وخبرةً برواته وناقليه، وعِلْمًا بصحيحه وغريبه وفَرْدِهِ ومنكره وسَقِيمه ومطروحه. ولم يكن للبغداديين بعد أبي الحسن علي بن عمر الدَّارقُطْنِيّ من يجري مجراه، ولا قام بعده


(١) انظر: "سِيَر أعلام النبلاء" (١٨/ ٢٨٣)، و"التنكيل لما ورد في تأنيب الكوثري من الأباطيل" للعلّامة اليماني (١/ ١٣٢ - ١٥٠)، و"الخطيب البغدادي مؤرِّخ بغداد ومحدِّثها" للدكتور العش (٦٤ - ٧٣)، و"الحافظ الخطيب البغدادي وأثره في علوم الحديث" للدكتور الطحَّان ص ١٠٥ - ١٠٨ و ٣٠٣ وما بعد، و"موارد الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد" للدكتور العُمَرِي ص ٤٩ - ٥٠.
(٢) رواه عنه الحافظ ابن عساكر في "تبيين كذب المفتري" ص ٢٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>