أنس بن عياض وحده. فإن الحديث بشطريه ثابت من رواية أبي سَلَمَة عن أبي هريرة من غير وجه، دون هذا الشك. ولكنه ثابت مفرَّقًا حديثين".
غريب الحديث:
قوله: "المِرَاءُ في القرآن كُفْرٌ". قال ابن الأثير في "النهاية" (٤/ ٣٢٢): "المِرَاءُ: الجِدَالُ، والتَّماري والمُمَاراة: المُجَادَلَةُ على مذهب الشَّكِّ والرِّيبة. ويقال للمُنَاظَرَةِ: مُمُارَاة، لأنَّ كُلَّ واحدٍ منهما يَسْتَخْرِجُ ما عند صاحبه ويَمْتَرِيه، كما يَمْتَرِي الحالبُ اللبنَ من الضَّرْعِ. قال أبو عُبَيْد: ليس وجه الحديث عندنا على الاختلاف في التأويل، ولكنه على الاختلاف في اللفظ، وهو أن يقولَ الرَّجُلُ على حَرْفٍ، فيقول الآخرُ: ليس هو هكذا، ولكنه على خِلافِهِ، وكلاهما مُنْزَلٌ مَقْروءٌ به. فإذا جَحَدَ كُلُّ واحدٍ منهما قراءةَ صاحبهِ لم يُؤْمَنْ أن يكونَ ذلك يُخْرِجُهُ إلى الكُفْرِ، لأنَّه نفى حَرْفًا أنزلَهُ اللَّه على نَبِيِّه. والتنكيرُ في المِرَاءِ إيذانًا بأنَّ شيئًا منه كُفْرُ، فضلًا عمَّا زاد عليه. وقيل: إنما جاء هذا في الجدال والمِراءَ في الآيات التي فيها ذكر القَدَر، ونحوه من المعاني، على مذهب أهل الكلام، وأصحاب الأهواء والآراء، دون ما تَضَمَّنَتْهُ من الأحكام، وأبواب الحلال والحرام، فإنَّ ذلك قد جرى بين الصحابة فمن بعدهم من العلماء، وذلك فيما يكون الغَرَضُ منه والباعثُ عليه ظهورَ الحقِّ ليُتَّبَع، دون الغَلَبَةِ والتَّعْجيزِ. واللَّه أعلم".
* * *
١٥٩٠ - حدَّثنا أبو طالب يحيى بن عليّ بن الطيِّب الدَّسْكَرِيّ -بحُلْوَان-، أخبرنا أبو بكر بن المُقْرِئ -بأَصْبَهَان-، حدَّثنا أبو صالح عبد الوهاب بن أبي عِصْمَة بن الحكم العُكْبَرِيّ -بعُكْبَرَا، سنة خمس وثلاثمائة-، حدَّثنا النَّضْر بن طاهر، حدَّثنا عبيد اللَّه بن عِكْرَاش،
حدَّثني أبي قال: رأيتُ النبيَّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً، وقال: "هذا وضوءٌ لا يَقْبَلُ اللَّهُ الصَّلاةَ إلَّا بهِ".