للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المذكورة، وجدتَ أَنَّ أوديتها مرويات المناقب والمثالب، وهيئات وصفة المطاعم والمشارب والملابس، والرقائق والزهد، والفِتَن والمَلاحِمٍ، وصفة الجنَّة والنَّار، وما شابهها. ونادرة هي أحاديث الأحكام فيها، حيث إنَّ المرتع الخصب لتلك الموضوعات والغرائب هي الأودية التي ذَكَرْتُ.

وهناك ملاحظة أخرى ممَّا يتصل بموضوعنا، أتى عليها العلَّامة عبد العزيز الدِّهْلَوي رحمه اللَّه، حيث يقول (١) تعليقًا على كلام والده الإمام ولي الدين أحمد، عند ذكره للطبقة الرابعة من كتب الحديث، والتي منها مصنفات الحافظ الخطيب: "وأحاديث هذه الطبقة التي لم يعلم في القرون الأولى اسمها ولا رسمها وتصدّى: المتأخرون لروايتها فهي لا تخلو عن أمرين:

إمَّا أنَّ السَّلَفَ تَفَحَّصُوا عنها ولم يجدوا لها أصلًا حتى يشتغلوا بروايتها. أو وجدوا لها أصلًا ولكن صادفوا فيها قَدْحًا أو عِلَّةً موجبةً لترك روايتها فتركوها".

أقول: أو هي ممَّا وضعه الوضَّاعون أخيرًا.

أمّا الأمر الثاني في بيان وتوجيه كلام الأئمة حول مرتبة أحاديث الخطيب:

فهو ما ذكره الإمام ابن تيمية رحمه اللَّه تعالى، ومن قبله الإمام ابن الجَوْزِيّ،: من كون الحافظ الخطيب قد روى أحاديث موضوعة مع علمه بوضعها.

فهذا مع التسليم بصحته، إلَّا أنَّه ممَّا يرد عليه، أنَّه من المعلوم المقرر: أَنَّ المحدِّث متى أورد الحديث بإسناده فقد برئت ذِمَّتُهُ من عُهْدَتِهِ، والتعويل ساعتئذٍ على النظر في الإسناد، ليعلم صحته من عدمها.

قال الحافظ ابن حَجَر في "لسان الميزان" (٢) في ترجمة (الطَّبَرَاني سليمان بن


(١) كما في "الحِطَّة في ذكر الصحاح الستة" للعلَّامة صِدَّيق حسن خان القِنَّوْجِي رحمه اللَّه ص ١٢١.
(٢) (٣/ ٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>