للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وارث، ووقف كتبه ومصنفاته على المسلمين، وسلَّمها إلى أبي الفضل بن خَيْرون ليُعيرها لمن يطلبها. وقد احترق بعضها في دار ابنه الفضل بعد أن آلت إليه.

وكانت وفاته رضي اللَّه عنه في ضحى يوم الاثنين سابع ذي الحجة سنة ثلاث وستين وأربعمائة. وحَمَلَ جنازته الإِمام الجليل أبو إسحاق الشِّيرَازي، وحُمِلَ إلى جامع المنصور، وحضر الأماثل والفقهاء والخَلْقُ العظيم، وصلّى عليه أبو الحسين بن المهتدي. وكان بين يدي الجنازة جماعة ينادون: هذا الذي كان يَذُبُّ عن النبيِّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم الكذب، هذا الذي كان يحفظ حديث رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم.

وَدُفِنَ في مقبرة (باب حرب) بجوار الإِمام الزاهد العابد بِشْر الحَافي رحمهما المولى تعالى، وخُتِمَ على قبره عدَّة ختمات (١).

[ثقافة الحافظ الخطيب وعلومه]

كان شأن أبي بكر الخطيب رحمه اللَّه في تنوع معارفه وشمولها، وسعة اطلاعه، وتوزع اهتماماته، شأن من سبقه ولحقه من أئمة المسلمين.

فكان فقيهًا أصوليًا، محدِّثًا ناقدًا، قارئًا مجوِّدًا، أديبًا مؤرِّخًا، شاعرًا محسنًا. غلب عليه علم الحديث بفنونه المختلفة، فبرز فيه وجَلّى، حتى صار إمام وقته في هذا العلم.

ولإِدراك ما ذكرت من شمولية ثقافته واتساعها، يكفي أن أشير إلى ما ذكره مترجموه (٢) مِنْ حَمْلِهِ عند خروجه من بغداد إلى دمشق سنة (٤٥١ هـ): (٤٧٤)


(١) انظر: "تاريخ دمشق" لابن عساكر (٢/ ١٧ - ١٨ مخطوط)، و"المُنْتَظَم" لابن الجَوْزي (٨/ ٢٦٩)، و"المستفاد من ذيل تاريخ بغداد" ص ٥٦، و"تبيين كذب المفتري" ص ٢٦٩ - ٢٧٠، و"سِيَر أعلام النبلاء" (١٨/ ٢٨٥ - ٢٨٧).
(٢) انظر: "الخطيب البغدادي مؤرِّخ بغداد ومحدِّثها" للدكتور يوسف العش ص ٧٧ و ١٤٤ - ١٤٥، و"موارد الخطيب البغدادي" ص ٥٠ - ٥١، و"المُنْتَظَم" (٨/ ٢٦٧) وقد ذكر بعض =

<<  <  ج: ص:  >  >>