وكلامه يشعر بأنَّه يَذْهَبُ إلى ضعفه لا إلى وضعه، ويتأكد هذا بما ذكره في ص ٤٤٦ منه، عند كلامه على حديث "النظر إلى الوجه الحسن يجلو البصر، والنظر إلى الوجه القبيح يورث القَلَح".
كما ذَهَب القَارِي في "الأسرار المرفوعة" ص ٢٥٢ و ٣١١ رقم (١٠٠٥ و ١١٩٥)، إلى أنَّه ضعيف لا موضوع.
أقول: ومن تأمل هذه الشواهد وطرقها وجدها لا تخلو من ضعيف، أو متروك، أو مجهول، أو كذَّاب. وضعف إسناد بعضها لا يَدْفَعُ الحكم بوضعها، لأنَّ متونها منكرة.
ورحم اللَّه الإِمام ابن قَيِّم الجَوْزِيَّة حيث يقول في كتابه "المنار المنيف" ص ٦١ - ٦٢، عند كلامه على معرفة الحديث الموضوع بضابط من غير أن يُنْظَرَ في سنده:"أن يكون كلامُه لا يُشْبِهُ كلامَ الأنبياء، فضلًا عن كلام رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم الذي هو وحي يُوحى. . . بل لا يُشبه كلام الصحابة، كحديث: "ثلاثة تزيد في البصر: النَّظَرُ في الخُضْرَةِ، والماء الجَاري، والوَجْهِ الحَسَنِ". وهذا الكلام ممَّا يُجَلُّ عنه أبو هريرة وابن عبَّاس، بل سعيد بن المسيَّب والحسن، بل أحمد ومالك رحمهم اللَّه. وحديث: "النَّظَرُ إلى الوَجْهِ الحَسَنِ يَجْلُو البَصَرَ". وهذا ونحوه من وضع بعض الزنادقة".
وقد تقدَّم برقم (٣٥٦) من حديث أنس مرفوعًا بلفظ: "النظر إلى الوجه الحسن يَجْلُو البصر، والنظر إلى الوجه القبيح يُورثُ الكَلَحَ".
* * *
٥٨٨ - أخبرنا أبو عمر بن مهدي، حدَّثنا محمد بن مَخْلَد العَطَّار، حدَّثنا أحمد بن عثمان بن حَكِيم، حدَّثنا عثمان بن سعيد المُرِّيّ، حدَّثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي بُرْدَة،