حصر زوائد هذه المصنَّفات، وجعلها في متناول يد عامّة المسلمين وخاصتهم من العلماء والباحثين، والاستفادة منها كلّ في مجاله وتخصصه، حيث أَثْرَتْ اجتهاداتهم ودراساتهم وأعمالهم أيما إثراء، وكانت الاستفادة من تلك الدواوين التي أُفردت زوائدها، قبل أن تُفْرَدَ وتخدم، إِمّا معدومةً أو متعذرةً عسرةً، لقلة نسخ كثير من تلك الدواوين التي أُفردت زوائدها، وعدم شهرتها وتداولها، ولصعوبة الوقوف على ما يراد منها.
[الوجه الثاني]
ترتيب الأحاديث الزوائد تلك على الكتب الفقهية، مزيدًا عليها غيرها مما تتطلبه موضوعات الأحاديث المدرجة في الكتاب، وتفريعها بعد ذلك إلى أبواب معنونة بدقة وبصيرة، بعد أن كانت في معظم أصولها مرتبة على حسب المسانيد. وهذا له من عظيم الأهمية: استدلالًا واجتهادًا واستنباطًا، وتوفيرًا للجهود، واختصارًا للأوقات، وتيسيرًا للبحث، ما لا يدركه إلّا من عاناه واشتغل به. وحسبك في ذلك أن تعلم أن عدد الكتب في مثل كتاب الإِمام البُوصيري "إتحاف الخِيرة المَهَرة بزوائد المسانيد العشرة"، قد بلغ مائة وأربعة كتاب، أتى على ذكرها كلها في مقدمته (١)، وكل كتاب أدرج تحته أبوابًا مختلفة.
وحسبك في ذلك أيضًا أنْ تعلم أنَّ عدد أبواب كتاب العلم وحده في كتاب "مجمع الزوائد" للهيثمي، قد بلغ مائة باب، بمائة ترجمة، تنم عن دقة في فهم النصوص، وحسن تقسيم لها وعرض.
ولتلمس هذا الذي قدَّمت، أذكر بعض عناوين أبواب كتاب العلم مما أورده الحافظ الهيثمي في "مجمع الزوائد":
(١) (١/ ٣ - ٥). ويجدر التنبيه هنا إلى أنّ البُوصيري قال: "ورتبته على مائة كتاب"، إلا أنني عندما قمت بعدِّهَا وجدتها مائة وأربعة.