للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم قال: "فالاشتغالُ بجمعها أو الاستنباطُ منها نوع تعمق من المتأخرين. وإنْ شئت الحقَّ فطوائف المبتدعين من الرافضة والمعتزلة وغيرهم يتمكنون بأدنى عنايةٍ أن يُلَخِّصُوا منها شواهد مذاهبهم، فالانتصار بها غير صحيح في معارك العلماء بالحديث واللَّه أعلم".

وقد نَعَى من قبل الإمام ابن تيمية على الحافظ الخطيب وغيره، ذكرهم الأحاديث الموضوعة في "مصنَّفاتهم" مع علمهم بها.

حيث يقول في كتابه: "الردّ على البَكْري" (١): "وأبو نُعَيْم يروي في "الحِلْيَة" في فضائل الصحابة وفي الزُّهْدِ، أحاديث غرائب يعلم أنها موضوعة، وكذلك الخطيب وابن الجَوْزي وابن عساكر وابن ناصر وأمثالُهم".

والعجيب أن ترى مثل هذه الملاحظة على الحافظ الخطيب مِنْ قِبَلِ الإمام ابن الجَوْزي (٢)!!

وهذا الذي ذكره بعض الأئمة بشأن مرويات الخطيب -وجلُّها في "تاريخ بغداد"-، يحتاج إلى بيانٍ وتوجيهٍ مرتبطٍ بالملاحظة المتقدِّمة بشأن موضوع الكتاب وغرضه ومنهج صاحبه فيه.

وهذا البيان والتوجيه يتمثل في أمرين اثنين:

[الأول]

أنَّ ما ذكره السيوطي من كون مجرد عزو الحديث إلى الحافظ الخطيب، يعني ضعفه، دون حاجة إلى بيان ذلك؛ وما ذكره الدِّهْلَوي من كون كتب الخطيب -وأكبرها "تاريخ بغداد"- هي مظنة الأحاديث الضعيفة والغريبة والمنكرة


(١) ص ١٨ - ١٩، والبَكْرِي هو: أبو الحسن عليّ بن يعقوب بن جبريل البَكْري المِصْري الشَّافِعِي المتوفى عام (٧٢٤ هـ). انظر ترجمته في "البداية والنهاية" (١٤/ ١١٤ - ١١٥).
(٢) انظر كتابه "المُنْتَظَم" (٨/ ٢٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>