والموضوعة، وأنَّ أصلح ما فيها، وأمثالها من الكتب التي ذكرها في الطبقة الرابعة، ما كان ضعيفًا محتملًا، وأسوؤها ما كان موضوعًا أو مقلوبًا شديد النَّكَارَة. ينبغي أَنْ يُعْلَمَ بأنَّ ذلك إنّما وقع للحافظ الخطيب في الأحاديث التي تفرَّد بروايتها فحسب، ولم يشاركه أحد من الأئمة الذين سبقوه في روايتها، أو هو فيما شاركهم في روايته، ولكنه رواها بأسانيد معلولة، مردها في الأعمِّ الأغلب -كما تبين لي من خلال دراسة أحاديث (تاريخ بغداد) - هو حرصه على أن تقع هذه الأحاديث من طرق من تَرْجَمَ لهم بغض النظر عمَّا تمثله من قيمة، حيث إنَّ هذا هو مقصوده، دون النظر إلى أي اعتبار آخر.
وقد وجدت أنَّ أكثر هذه الأحاديث التي رواها بأسانيد ضعيفة أو تالفة، قد خَرَّجَهَا غيره من الأئمة بأسانيد صحيحة أو جياد أو ضعيفة ضعفًا محتملًا -كما سُيرى في تخريج الزوائد-، وهذا يعني من وجهٍ: وجود ذلك الملحظ الخاص الذي أشرت إليه، خاصةً وأنَّ الحافظ الخطيب -كما سيأتي في ترجمته- ليس بقليل الرواية ضَيِّقها، ولا هو من غير الراسخين في علم العلل وتمييز صحيح الحديث من سقيمه
وممَّا يؤكِّد أنَّ ما قاله الأئمة في مرتبة أحاديثه، لا يمكن أن ينسحب في جملته على جملتها، وإنما هو يتجه صوب الصِّنْفَيْن المتقدِّمين من رواياته، أنَّ عدد أحاديث (التاريخ) كما قدَّمت هو (٤٣٨٥) حديثا، منها (٢١٣٢) حديثًا رواه أصحاب الأصول السنة أو بعضهم، أي ما يعادل نصف عدد أحاديث (التاريخ) تقريبًا، وهو عدد بكلِّ مقياس ليس بالهين.
وأنَّ الأحاديث التي تفرَّد بها -والتي غالبيتها من الموضوعات والمناكير والضعيفة ضعفًا شديدًا- ولم أقف على من خرَّجها غيره قبله، قليلة بالنسبة لعدد ما خرَّجه.
وأنت لو نظرت في مجمل الأحاديث الموضوعة والمنكرة وما شاكلها، والتي تفرَّد الحافظ الخطيب رحمه اللَّه في روايتها، أو ممَّا لم يتفرَّد به ولكنه على الصفة