للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

درجة الكمال والرُّتْبَةِ العُلْيَا خَلْقًا وخُلُقًا، وهيئةً ومنظرًا، انتهى إليه معرفة علم الحديث وحِفْظِهِ، وخُتِمَ به الحُفَّاظُ".

وكان رحمه اللَّه من أهل التعبد وكثرة التلاوة للقرآن الكريم، وقد مَرَّ قبل خبر ختمه للقرآن ترتيلًا في كُلِّ يوم خلال رحلته إلى الحجِّ، وخلال عودته من دمشق إلى بغداد.

كما أنه كان سخي اليد عفيفها، منفقًا على طلبة العلم، محبًّا لهم، متفقدًا الأحوالهم، صاحب مروءة ظاهرة.

قال الإمام السُّبْكِي (١): "وكانت للخطيب ثروة ظاهرة، وصدقات على طُلَّاب العلم داڑرَّة، يهبُ الذهب الكثير للطلبة".

وقال الإِمام الخطيب التِّبْرِيزي (٢): "كنت أقرأ على الخطيب بحلقته بجامع دمشق كتب الأدب المسموعة له، وكنت أسكن منارة الجامع، فصعد إليَّ وقال: أحببت أن أزورك. فتحدثنا ساعة، ثم أخرج ورقة وقال: الهدية مستحبة، اشتر بهذه أقلامًا، وقام، فإذا خمسة دنانير.

ثم صَعِدَ تَوْبَةً أخرى ووضع نحوًا من ذلك. وكان إذا قرأ الحديث يُسْمَعُ صوته في آخر الجامع، كان يقرأ مُغْرَبًا فصيحًا".

أمَّا عِفَّته:

فقد ذكر السَّمْعَاني (٣) عن الفضل بن عمر النَّسوي: "كنت بجامع (صُوْر) عند أبي بكر الخطيب، فدخل عَلَويٌّ وفي كُمِّه دنانير، فقال: هذا الذهب تصرفُهُ في مُهمَّاتك. فقطَّب في وجهه، وقال: لا حاجة لي فيه، فقال: كأنك تستقلُّهُ، وأرسله من كُمِّه على سَجَّادَةِ الخطيب. وقال: هذه ثلاث مئة دينار.

فقام الخطيب خجلًا مُخْمَرًّا وجهه. وأخذ سَجَّادَتَهُ، ورمي الدنانير، وراح.


(١) في "طبقاته" (٤/ ٣٤).
(٢) كما نقله عنه الذَّهَبِيّ في "تذكرة الحفَّاظ" (٣/ ١١٣٨). وانظر خبرًا آخر يدل على محبته لطلبة العلم وإنفاقه عليهم: "السِّيَر" (١٨/ ٢٨٥ - ٢٨٦).
(٣) كما في "سِيَر أعلام النبلاء" (١٨/ ٢٧٧ - ٢٢٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>