وقال أيضًا -فيما نقله عنه البيهقي في "شُعَب الإيمان"(٣/ ١١٧) -: "لم يذكر فيه بُرَيْدَة ولا النبيّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم. وهذه الرواية أصح".
وقال الطبراني في "المعجم الأوسط"(١/ ١٢٧): "لم يرو هذا الحديث عن مِسْعَرٍ إلَّا أحمد بن بشير".
وقال أبو نُعَيْم في "الحِلْيَة"(٧/ ٢٥٧): "غريب من حديث مِسْعَر، تفرَّد برفعه عنه أحمد. ورواه القاسم بن أحمد عنه فأرسله".
وقال الإمام أحمد بن حنبل -فيما نقله عنه البيهقي في "شُعَب الإيمان"(٣/ ١١٧) -: "وروينا عن أبي عليّ الحافظ النَّيْسَابوري أنه أنكره، وقال: الصحيح من حديث مِسْعَر، عن علقمة بن مَرْثَد، عن عبد الرحمن بن سَابِط قوله، ليس هذا من كلام النبيِّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم".
أقول: للحديث عِلَّتان.
الأولى: تفرُّد (أحمد بن بشير) به عن (مِسْعَر) مرفوعًا كما قال ابن عدي والطبراني وأبو نُعَيْم. ومثله لا يُحْتَمَلُ تفرده. فقد قال النَّسَائي فيه:"ليس بذاك القويِّ". وقال الدَّارَقُطْنِيّ:"ضعيف يُعْتَبَرُ بحديثه". وقال ابن حَجَر:"صدوق له أوهام". وقد تقدَّمت ترجمته في حديث (٤٥٧).
مع التذكير بأنَّ قول ابن عدي: بأنَّ هذا الحديث أنكر ما رُوي لأحمد بن بشير، لا يعني به تضعيفه له، بل التنبيه على تفرده به. انظر:"تدريب الراوي"(١/ ٢٤١)، و"أسباب اختلاف المحدِّثين" للمؤلف (١/ ٣٨٤ - ٣٨٩).
الثانية: أنَّ ابن بُرَيْدة وهو (سليمان) كما صَرَّحَ به الطبراني في "الأوسط"(١/ ١٢٧)، لم يسمع من أبيه عند بعضهم، فقد قال الإمام البخاري في "التاريخ الكبير"(٤/ ٤): "لم يذكر سليمان سماعًا من أبيه". وفي ترجمة أخيه التوأم (عبد اللَّه بن بُرَيْدَة) في "التهذيب"(٥/ ١٥٨) أنَّ إبراهيم الحَرْبي قال: "عبد اللَّه أتم من سليمان، ولم يسمعا من أبيهما".