بنَصِيبِين، وهو على مثل ما نحن عليه فالحق به. فلما دفناه لحقتُ بالآخر، فقلت له: يا فلان إنَّ فلانًا أوصي بي إلى فلان وفلان أوصى بي إليك. قال: فأقم أي بني. قال: فأقمت عندهم على مثل حالهم حتى حضرته الوفاة، فقلت له: يا فلان إنه قد حضرك من أمر اللَّه بما ترى، وقد كان فلان أوصى بي إلى فلان، وأوصى بي فلان إليك. فإلى من؟ قال: أي بني واللَّه ما أعلم أحدًا على مثل ما كنّا عليه، إلّا رجلًا بعَمُّورِيَّة من أرض الروم، فأته فإنك ستجده على مثل ما كنّا عليه. فلما واريته، خرجت حتى قدمت على صاحب عَمُّوريّة فوجدته على مثل حالهم، فأقمت عنده واكتسبت حتى كانت لي غنيْمة وبقرات. ثم حضرته الوفاة، فقلت: يا فلان إنَّ فلانًا كان أوصل بي إلى فلان، وفلان إلى فلان، وفلان إليك، وقد حضرك ما ترى من أمر اللَّه عزّ وجلّ فإلى من توصيني، قال: أي بني واللَّه ما أعلمه بقي أحد على مثل ما كنا عليه آمرك أن تأتيه، ولكنه قد أظلّك زمان نبيٍّ يُبْعَثُ من الحَرَمِ، مهاجره بين حرَّتين إلى أرض سَبْخةٍ ذاتِ نخل، وإنَّ فيه علامات لا تخفى، بين كتفيه خاتمُ النبوة، يأكلُ الهَدِيَّةَ ولا يأكلُ الصَّدَقَةَ، فإن استطعت أن تخلص إلى تلك البلاد فافعل، فإنه قد أظلك زمانه. فلمَّا واريناه أقمت حتى مرّ رجال من تجّار العرب من كَلْب، فقلت لهم: تحملوني معكم حتى تقدموا بي إلى أرض العرب، وأُعطيكم غنيمتي هذه وبقراتي، قالوا: نعم. فأعطيتهم إياها. وحملوني حتى إذا جاؤوا بي وادي القرى، ظلموني، فباعوني عبدًا من رجل من يهود بوادي القرى، فواللَّه لقد رأيت النخل وطمعت أن تكون البلد الذي نَعَتَ لي صاحبي، وما حقَّت عندي حتى قدم رجل من بني قُرَيْظَة من يهود وادي القرى، فابتاعني من صاحبي الذي كنت عنده، فخرج بي حتى قدم بي المدينة. فواللَّه ما هو إلّا أن رأيتها، فعرفت نَعْتَهُ. فأقمت في رِقِّي مع صاحبي، وبعث اللَّه رسوله صلَّى اللَّه عليه وسلَّم بمكة لا يذكر لي شيء من أمره مع ما أنا فيه من الرِّقّ، حتى قَدِمَ رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قُبَا، وأنا أعمل في نخلة له، فواللَّه إني لفيها إذ جاء ابن عَمٍّ له، فقال: يا فلان قاتل اللَّه بني قَيْلَة، واللَّه إنهم الآن لفي قُبَا مجتمعون على رجل جاء