عليّ بن عمرو بن خالد الحَرَّاني -بمِصْر- قال: حدَّثني أبي قال: نبأنا الحَكَم بن عَبْدة الشَّيْبَاني البَصْري -وهو جَدُّ الجَرَوِيّ لأُمِّه-، عن أيوب، عن حُمْيَد بن هلال،
عن أبي الأَحْوص قال: كنّا مع عليٍّ يوم النَّهْرَوان، فجاءت الجَرُورِيَّة فكانت من وراء النهر، قال: واللَّه لا يقتل اليوم رجل من وراء النهر. ثم نزلوا فقالوا لعليّ: قد نزلوا. قال: واللَّه لا يقتل اليوم رجل من وراء النهر. فأعادوا هذه المقالة عليه ثلاثًا، كلّ ذلك يقول لهم عليّ مثل قوله الأول. قال: فقالت الحَرُورِيَّة بعضهم لبعض: يرى عليّ أنّا نخافه. فأجازوا، فقال عليّ لأصحابه: لا تحركوهم حتى يُحْدِثُوا حَدَثًا. فذهبوا إلى منزل عبد اللَّه بن خَبَّاب، وكان منزله على شطِّ النهر، فأخرجوه من منزله، وقالوا: حَدِّثْنَا بحديث حدثكه أبوك سمعه من رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم، فقال:
حدَّثني أبي أنه سمع رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم يقول:"تكونُ فِتْنَةٌ القاعدُ فيها خيرٌ من القائم، والقائمُ فيها خيرٌ من السَّاعي".
فقدَّموه إلى الماء فذبحوه كما تُذْبَحُ الشّاة، فسال دمه في الماء مثل الشراك ما أَمْذَقَرَّ -قال الحاكم: فسالت أيوب: ما أَمْذَقَرَّ؟ قال: ما اختلط-. قال: وأخرجوا أُمَّ ولده فَشَقُّوا عمّا في بطنها. فأُخْبِرَ عليٌّ بما صنعوا، فقال: اللَّه أكبر نادوهم: أَخْرِجُوا لنا قاتل عبد اللَّه بن خَبَّاب. قالوا: كلّنا قتله. فناداهم ثلاثًا، كلّ ذلك يقولون هذا القول. فقال عليٌّ لأصحابه: دونكم القوم. قال: فما لبثوا أن قتلوهم جميعًا. فقال عليٌّ: اطلبوا في القوم رجلًا يده كثدي المرأة. فطلبوا ثم رجعوا إليه فقالوا: ما وجدنا. فقال: واللَّه ما كَذَبْتُ ولا كُذِّبْتُ، وإنّه لفي القوم. ثلاث مرات يجيئونه فيقول لهم في هذا القول. ثم قام هو بنفسه فجعل لا يمر بقتلى جميعًا إلّا بحثهم فلا يجده فيهم، حتى انتهى إلى حفرة من الأرض فيها قتلى كثير، فأمر بهم فبحثوا فَوُجِدَ فيهم، فقال لأصحابه: لولا أن تنتظروا لأخبرتكم بما أَعدَّ اللَّه تعالى لمن قتل هؤلاء.