عبد البَرِّ خرَّجه في "التمهيد" و"الاستذكار" بإسناد صحيح من حديث ابن عبَّاس، وممن صحَّحه عبد الحق".
أقول: رواه ابن عبد البَرِّ في "الاستذكار" (١/ ٢٣٤) عن أبي عبد اللَّه بن محمد قال: أَمْلَتْ علينا فاطمة بنت الريَّان قالت: حدَّثنا الربيع بن سليمان قال: حدَّثنا بشر بن بكر (١)، عن الأَوْزَاعي، عن عطاء، عن عبيد بن عُمَير، عن ابن عبَّاس مرفوعًا: "ما من أحد مرَّ بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه في الدُّنْيَا فسلَّمَ عليه إلَّا عرفه وَرَدَّ عليه السَّلامَ".
قال الإِمام عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الشرعية الصغرى" (١/ ٣٤٥) بعد أن ذكره عن ابن عبد البَرِّ في "الاستذكار": "إسناده صحيح".
قال محقق كتاب "العلل المتناهية" (٢/ ٤٣٠) الشيخ إرشاد الحق الأثري بعد أن ذكره عن ابن عبد البَرِّ من طريقه المتقدِّم: "ومن طريقه عبد الحق في "أحكامه"(ص ٧٢، ج ١، ق). . . وسكت عنه ابن عبد البَرِّ وعبد الحق، ومن قال: إنَّهما صحَّحا إسناده فليس بصحيح، نعم صحَّح إسناده العِرَاقي والمُتَّقي وغيرهما لكن فيه نظر، فإنَّ شيخ ابن عبد البَرِّ لم أجد من وثَّقه، وذكره الحُمَيْدي في "جذوة المقتبس" ص ٢٧٧ فقال: كان رجلًا صالحًا يضرب به المثل في الزهد. وحال أحاديث الزهاد معروف لا سيما في مثل هذه المسائل. وأمَّا شيخته فاطمة فلا تعرف، ولا ذِكْرَ لها في كتب الرجال. وأمَّا عبيد بن عُمَير فالظاهر أنَّه مولى ابن عبَّاس وهو مجهول كما في "التقريب" ص ٣٤٧ و"الميزان"(٣/ ٢١)، فالحديث لا يصلح للاحتجاج به واللَّه أعلم".
أقول: نفي محقق "العلل" لتصحيح عبد الحق الإشبيلي لإسناده، مردود بما تقدَّم من تصحيحه له في "الأحكام الشرعية الصغرى".
* * *
(١) صُحِّفَ في "الاستذكار" إلى: "بكير". وانظر التعليق السابق.