قال الحافظ ابن حَجَر في "الفتح"(٦/ ٥١٠ - ٥١١): "لم يخرِّج الشيخان هذا الحديث إلَّا من رواية ابن عمر، وجاء بإسناد صحيح عن أنس، وأخرجه الطبراني في "الدُّعاء" من وَجْهٍ آخر حسن، وبإسناد حسن عن أبي هريرة، وهو في "صحيح ابن حِبَّان". وأخرجه الطبراني من وَجْهٍ آخر عن أبي هريرة، وعن النُّعْمَان بن بَشِير، من ثلاثة أَوْجُهٍ حِسَانٍ، أحدها عند أحمد، والبزَّار، وكلُّها عند الطبراني. وعن عليٍّ، وعُقْبَة بن عامر، وعبد اللَّه بن عمرو بن العاص، وابن أبي أَوْفَى، بأسانيد ضعيفة، وقد استوعب طرقه أبو عَوَانَة في "صحيحه"، والطبراني في "الدُّعاء"".
أقول: لم يسق الحافظ الخطيب نصَّ الحديث، ونصُّه كما عند الإِمام أحمد في "مسنده"(٣/ ١٤٢ - ١٤٣) من حديث أنس مرفوعًا:
"أنَّ ثلاثةَ نَفَرٍ فيما سَلَفَ من النَّاس، انطلقوا يَرْتَادُون لأَهْلِهِمْ، فَأَخَذَتْهُمُ السَّمَاءُ، فَدَخَلُوا غَارًا، فَسَقَطَ عليهم حَجَرٌ مُتَجَافٍ حتى ما يَرَوْنَ منهُ خَصَاصَةً (١). فقال بعضُهم لبعضٍ: قد وَقَعَ الحَجَرُ، وعَفَا الأَثَرُ، ولا يَعْلَمُ مَكَانَكُمْ إلَّا اللَّهُ، فَادْعُوا اللَّهَ بأَوْثَقِ أَعْمَالِكُمْ. قال: فقالَ رَجُلٌ منهم: اللَّهُمَّ إنْ كنتَ تَعْلَمُ أنَّه قد كانَ لي وَالِدَانِ، فكنتُ أَحْلُبُ لهما في إنائِهِمَا فآتِيهِمَا، فإذا وَجَدْتُهُمَا رَاقِدَيْنِ قمتُ على رُؤوسِهمَا كَرَاهِيَةَ أَنْ أَرُدَّ سِنَتَهُمَا في رُؤُوسِهِمَا حتَّى يَسْتَيْقَظَا متى استَيْقَظَا، اللَّهُمَّ إنْ كنتَ تَعْلَمُ أنِّي فَعَلْتُ ذلك رَجَاءَ رَحْمَتِكَ وَمَخَافَةَ عَذَابِكَ، فَفَرِّجْ عنَّا. فَزَالَ ثُلُثُ الحَجَرِ. وقال الآخرُ: اللَّهُمَّ إنْ كنتَ تَعْلَمُ أنِّي استأْجَرْتُ أَجيرًا على عَمَلٍ يَعْمَلُهُ، فأتاني يَطْلُبُ أَجْرَهُ وأنا غَضْبَانُ فَزَبَرْتُهُ، فانْطَلَقَ فَتَرَكَ أَجْرَهُ ذلكَ، فَجَمَعْتُهُ وثَمَّرْتُهُ حتَّى كان منه كُلُّ المَالِ، فأتاني يَطْلُبُ أَجْرَهُ، فَدَفَعْتُ إليه ذلك كُلَّهُ، ولو شِئْتُ لم أُعْطِهِ إلَّا أَجْرَهُ الأَوَّلَ. اللَّهُمَّ إنْ كنتَ تَعْلَمُ أَنِّي إنما فَعَلْتُ ذلكَ رَجَاءَ رَحْمَتِكَ
(١) صُحِّفَ في "المسند" إلى: "حصاصة" بالحاء المهملة. والتصويب من "الدُّعاء" للطبراني (٢/ ٨٦٨)، و"مسند أبي يعلى" (٥/ ٣١٤)، وغيرهما.