ورواه في ص ٨٦ منه، والطبري في "تفسيره"(٣/ ١١٤) رقم (٢١٠٩)، والبيهقي في "الأسماء والصفات"(١/ ٤١٦ - ٤١٧)، من طريق شُعْبَة، عن أبي جَمْرَة، عن ابن عبَّاس قال:"لا تقولوا: (فإنْ آمنوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ به فقد اهتدوا) "، فإنَّه ليس للَّه مثل، ولكن قولوا:(فإن آمنوا بالذي آمنتم به فقد اهتدوا)".
قال الإِمام أبو جعفر الطَّبَرِيّ رحمه اللَّه في "تفسيره" (٣/ ١١٤): "وقد رُوي عن ابن عبَّاس في ذلك قراءةٌ، جاءت مصاحف المسلمين بخلافها، وأجمعت قَرَأَةُ القرآن على تركها". ثم ساق الخبر السابق، وقال:
"فكأن ابن عبَّاس في هذه الرواية إن كانت صحيحة عنه، يوجِّه تأويل قراءة من قرأ:(فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به)، فإن آمنوا بمثل اللَّه، وبمثل ما أُنْزِلَ على إبراهيم وإسماعيل. وذلك إذا صرف إلى هذه الوجه، شِرْكٌ لا شكَّ باللَّه العظيم. لأنَّه لا مثل اللَّه تعالى ذِكْرُهُ، فنؤمن أو نكفر به، ولكن تأويل ذلك على غير المعنى الذي وَجّه إليه تأويله. وإنما معناه ما وصفنا، وهو: فإنَّ صدَّقوا مثل تصديقكم بما صدَّقتم به، من جميع ما عددنا عليكم من كُتب اللَّه وأنبيائه فقد اهتدوا. فالتشبيه إنما وقع بين التصديقين والإِقرارين اللذين هما إيمان هؤلاء وإيمان هؤلاء، كقول القائل:"مرَّ عمرو بأخيك مثلَ ما مررتُ به"، يعني بذلك: مَرَّ عمرو بأخيك مثل مُروري به. والتمثيل إنما دخل تمثيلًا بين المرورين، لا بين عمرو وبين المتكلِّم فكذلك قوله:(فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به)، إنَّما وقع التمثيلُ بين الإِيمانيين، ولا بين المؤمَن به".
وانظر كذلك في رَدِّ قراءة ابن عبَّاس وتوجيه القراءة الصحيحة: "الأسماء والصفات" للبيهقي (١/ ٤١٧ - ٤١٨)، و"المصاحف" لابن أبي داود ص ٨٧.
وانظر: "زاد المسير" لابن الجَوْزي (١/ ١٥٠ - ١٥١) في أقوال العلماء في تأويل الآية.