وروى الطَّحَاويُّ في "شرح معاني الآثار"(١/ ٥٢)، من طريق سفيان، عن حِبِيب، عن سعيد بن جُبَيْر، عن ابن عبَّاس قال:"امْسَحُوا بإِذْخِرٍ".
وروى البيهقي في "السنن الكبرى"(٢/ ٤١٨)، وفي "معرفة السنن والآثار"(٣/ ٣٨٣) رقم (٥٠١٥)، من طريق الشَّافِعِي، عن سفيان، عن عمرو بن دينار، وابن جُرَيْج، كلاهما يخبره عن عطاء، عن ابن عبَّاس أنَّه قال في المَنِيِّ يُصِيبُ الثَّوْبَ، قال:"أَمِطْهُ عَنْكَ"، قال أحدهما:"بعود إِذْخِرٍ (١)، فإنَّما هو بمنزلة البُصاق والمُخَاط".
قال البيهقي في "السنن الكبرى": "هذا صحيح عن ابن عبَّاس من قوله، وقد رُوي مرفوعًا، ولا يصحُّ رَفْعُهُ".
وقال في "المعرفة": "هذا هو الصحيح موقوف، وروي عن شَرِيك، عن ابن أبي ليلى، عن عطاء مرفوعًا ولا يَثْبُتُ رَفْعُهُ".
أقول: مَا ذَهَبَ إليه البَيْهَقِيُّ متعقَّبٌ، فقد قال الإِمام ابن الجَوْزي في "التحقيق في أحاديث التعليق"(١/ ٣١٠) جوابًا على قول الدَّارَقُطْنِيّ السابق: "إسحاق إمام مخرَّج عنه في "الصحيحين"، وَرَفْعُهُ زِيَادَةٌ، والزيادة من الثقة مقبولة، ومَنَ وَقَفَهُ لم يَحْفَظْ".
وقال الإِمام أبو البركات مجد الدين عبد السلام ابن تيمية في "المنتقى"(١/ ٦٨) بشرح نيل الأوطار، بعد أن أورد كلام الدَّارَقُطْنِيّ السابق:"وهذا لا يضرُّ لأنَّ إسحاق إمام مخرَّج عنه في "الصحيحين" فَيْقْبَلُ رَفْعُهُ وَزِيَادَتُهُ".
وقد أَيَّدَ الإِمامَ البَيْهَقِيَّ في ترجيحه لوقفه آخرون، منهم الإِمام تقي الدين ابن تيمية في "مجموع الفتاوى"(٢١/ ٥٩٠ - ٥٩١)، وابن عبد الهادي في "تنقيح التحقيق"(١/ ٣١١).
(١) هذا لفظ "السنن الكبرى". وفي "المعرفة": "بعودٍ أو إِذْخِرَةٍ".