فَسَمَوُا أَعْيُنَهُمْ، وَقَطَعُوا أَيْدِيَهُم، وتُرِكُوا في ناحيةِ الحَرَّةِ حتَّى ماتوا على حالِهِمْ. قال قَتَادَةُ: بَلَغَنَا أنَّ النبيَّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم بعد ذلك كان يحثُّ على الصَّدَقَةِ ويَنْهَى عن المُثْلَةِ".
قال الحافظ رحمه اللَّه: "وقد تبين بهذا، أنَّ في الحديث الذي أخرجه النَّسَائي من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، عن هشام، عن قَتَادَة، عن أنس قال:"نهى رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم عن المُثْلَة" إدراجًا، وأنَّ هذا القَدْرَ من الحديث لم يسنده قَتَادَة عن أنس، وإنما ذكره بلاغًا، ولمَّا نشط لذكر إسناده ساقه بوسائط إلى النبيِّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم. واللَّه أعلم".
وأمَّا من حديث:(أبي بَكْرَة)، و (أبي بَرْزَة)، و (مَعْقِل بن يَسَار)، فإنِّي لم أقف عليه من حديثهم في كُلِّ ما رجعت إليه، واللَّه سبحانه وتعالى أعلم.
وللحديث شواهد عدة من غير ما تقدَّم. فمما ورد في النهي عن المُثْلَة، ما رواه البخاري في المظالم، باب النهي بغير إذن صاحبه (٦/ ١١٩) رقم (٢٤٧٤)، وأحمد في "المسند" (٤/ ٣٠٧)، عن عبد اللَّه بن يزيد الأنصاري قال: "نهى النبيُّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم عن النُّهْبَى والمُثْلَةِ".
وممّا ورد في الحث على الصدقة، ما رواه البخاري في الفتن، باب خروج النار (١٣/ ٨٦) رقم (٧١٢٠)، ومسلم في الزكاة، باب الترغيب في الصدقة قبل أن لا يوجد من يقبلها (٢/ ٧٠٠) رقم (١٠١١)، وغيرهما، عن حارثة بن وَهْب رضي اللَّه عنه مرفوعًا: "تَصَدَّقوا، فسيأتي على الناس زمانٌ يمشي الرجل بصدقته فلا يجدُ من يَقْبَلُهَا". واللفظ للبخاري.
وانظر "المصنَّف" لابن أبي شَيْبَة (٩/ ٤٢٠ - ٤٧٤)، و"جامع الأصول" (٢/ ٦١٩)، و"مجمع الزوائد" (٦/ ٢٤٨ - ٢٥٠)، في شواهد النهي عن المُثْلَة.