للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"ولكن لا شك أنَّ الأهمية العظمى لـ (تاريخ بغداد) هي في نطاق الحديث، حيث اختص رجال الحديث بخمسة آلاف ترجمة من مجموع تراجمه وهي (٧٨٣١) ترجمة. وبذلك يظهر أنَّه وُضع لخدمة علم الحديث بالذات، فهو يُعْنَى بالتعريف برجال الحديث وبيان حالهم من الجرح والتعديل، وهو وإن اعتمد على أقوال النُّقَّاد القُدامى خاصة في تراجم غير المعاصرين له، لكن طريقته في انتخاب الأقوال وعرضها تمكِّن القارئ من الحكم على صاحب الترجمة.

ولا يقتصر دوره على ذلك، فقد اهتم بالترجيح بين الأقوال المتعارضة ومناقشة بعضها ورفضه لها، كما أبدى رأيه في بعض العلماء خاصةً من طبقة شيوخه وأقرانه" (١).

أمّا في جانب رواية الحديث، فإنَّه يكفي لمعرفة مدى أهمية (تاريخ بغداد) باعتباره مصدرًا من مصادر الحديث الشريف، أن نعلم أنَّه اشتمل على (أربعة آلاف وثلاثمائة وخمسة وثمانين) حديثًا على ما أحصيته، ساقها الحافظ الخطيب رحمه اللَّه كلّها بأسانيده. وهو عدد يزيد على عدد أحاديث بعض الأصول الستة كـ "سنن التِّرْمِذِيّ" (٢) و"سنن ابن ماجه" (٣).

هذا من جانب مبلغ اتساع نطاق روايته فيه. أمّا من جانب قيمة هذه الروايات الكثيرة ومنزلتها من حيث القبول والردّ؛ فإنَّه لابد من التقديم بين يدي ذلك بملاحظة لها عظيم أهمية في تجلية ما نحن بصدده، وتكون مَدْخَلًا له.

وهي: أنَّه في النصف الثاني من القرن الخامس الهجري، قد انقطعت رواية الحديث بالسند تخريجًا من المحدِّث إلى النبيِّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم مباشرةً، من دون واسطة كُتُبٍ أو نُسَخٍ أو أجزاء يرويها هذا المحدِّث.


(١) "موارد الخطيب البغدادي" ص ٨٩.
(٢) فآخر ارقام أحاديثه على ما في طبعة مصطفى البابي الحلبي هو (٣٩٥٦).
(٣) وآخر أرقام أحاديثه على ما في طبعة الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي رحمه اللَّه هو (٤٣٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>