عبد الغني، وأمثالهم ممن لهم معرفة بالحديث، فإنّهم كثيرًا ما يروون في تصانيفهم، ما روي مطلقًا على عادتهم الجارية، ليعرف ما روي في ذلك الباب، لا ليحتجَّ بكلِّ ما روى، وقد يتكلّم أحدهم على الحديث ويقول: غريب، ومنكر، وضعيف، وقد لا يتكلّم".
وقد ذكر ابن تيمية كذلك في كتابه "الردّ على البَكْري" ص ٢٠: أنَّ سكوت الحفَّاظ كأبي نُعَيْم، والخطيب، وابن ناصر، وأبي موسى، وابن الجَوْزي، وابن عساكر، ونحوهم "عن الإنكار في كثير ممَّا يروونه لا يدلُّ على الصحة عندهم باتفاق أهل الحديث".
أذكر هذا، مع القول بأنهم لو نزَّهوا مصنفاتهم عنها لكان هو الأَوْلَى والأَجْدَى، أو أنَّهم لو شاؤوا روايتها؛ أن يُنَبِّهُوا على وضعها أو نكارتها. وإذا كان في عصرهم كثرة ممن يستطيع التمييز بين الصحيح وغيره، فإنَّ الحال قد اختلف بعد.
ولابد من الإشارة هنا إلى أنَّ الحافظ الخطيب، له إضافات جليلة، وتنبيهات مهمة، أتي بها عقب بعض الأحاديث التي رواها، فأنت تجده إمَّا أنَّه يذكر "الطرق الأخرى التي وردت منها، أو بذكر من تفرد بها من الرواة، وربما راجع أحد كتب الحديث لمعرفة طرق أخرى ورد منها الحديث، وأحيانًا يكشف عن وجود. متابعةٍ لحديث قيل إنه تفرّد به. وقد لا يكتفي الخطيب بسرد طرق الحديث بل يبين أيضًا الصواب منها أو أصحها، أو يبين الاختلافات بين هذه الطرق ويميز الطريق المحفوظ منها، أو يتعقب رجال أسانيدها ببيان حالهم من الجرح والتعديل، أو التعريف بهم، أو ذكر جهالتهم أو ينبه على ما يقع في أسانيدها من قلب وأخطاء ويصوبها، ويبين ما في بعضها من تدليس، ويذكر من تفرد بها من الرواة وهذا كثير جدًا، أو تفرد أهل بلد بروايتها.