للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أم أنّ الطلاق لا يتمّ إِلا بالإِشهاد؛ كما هو في حدّ القذف الذي لا يثبت إِلا بأربعة شهود؛ فإِن شهد شاهدان أو ثلاثة، فإِنّه يمضي فيهم قوله -تعالى-: {فإِذْ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون} (١) فأولئك عند الله هم الكاذبون ولو كانوا في أنفسهم صادقين فيما رأوا.

وجاء في كتاب "الجامع لأحكام الطلاق" (ص ١٦١): "وعلى تقدير أن الأمر في الآية يقتضي الوجوب، فمخالفته لا تبطل أثر الطلاق ولا المراجعة، والدليل على ذلك: أن الله -سبحانه وتعالى- قد أمرنا في الطلاق باستقبال النساء في عدتهن في طهر لم يجامعها فيها زوجها، فلمّا خالف ابن عمر -رضي الله عنهما- هذا الأمر، وطلّق امرأته وهي حائض، أجازه النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عليه، فهو قد خالف الأمر الوارد في آية الطلاق، ولم يمنع هذا من أن تُحسب عليه طلقة، فكذلك هو الحال بالنسبة لمن خالف الأمر في الإِشهاد، والله أعلم.

قلت: ويؤيد هذا ما تقدّم من قول الإِمام البخاري -رحمه الله- في كتاب الطلاق: (باب قول الله -تعالى-: {يا أيّها النّبي إِذا طلَّقتم النّساء ... } ... وطلاق السّنّة أن يطلِّقها طاهراً من غير جماع، ويشهد شاهدَين).

ثمّ ذَكَر حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- في قصة تطليقه امرأته وهي حائض.

فإِيقاع طلاق الحائض على بدعيته، إِيقاع للطلاق بلا إِشهاد على مخالفته للسّنّة، وإيرادهما تحت بابٍ واحد يُفهم هذا، لكن سيأتي عمّا قريب -إن شاء


(١) النور: ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>