فبعد المقدّمات التي أشَرْت إليها؛ بيَّن النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من يسوغ له أن يصلّي الفائتة بقوله:"من نسي صلاةً أو نام عنها".
فالعُذر: نسيان أو نوم، فإِذا سويّنا بين المتعمّد، أو النّاسي والنائم والمعذور وغير المعذور، فما قيمة الحديث؟
٣ - ولا شكّ أن (مَن) شَرْطيَّة، فِعْلها (نسي) و (نام) معطوفة على (نَسي)، وجواب الشرط (ليُصلّها إِذا ذكَرها). واللام هنا لام الأمر، وهي ممّا يُؤكّد ما نحن فيه مِن قول.
فهذه الصلاة فقط لمن نام أو نسي، ولكن هل هذه الرخصة مطلقة؟ كلاّ لأنها جاءت مشروطةً موقوتة.
فقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "فليصلّها إِذا ذكَرها" يدّل على تقييد ذلك حين التذكر لا يتجاوزه، ولم يقُلِ النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "فليصلها متى شاء". وهذا للمعذور فكيف بغير المعذور!
ثمَّ يأتي قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا كفّارة لها إلاَّ ذلك". فهذه اللام نافية للجنس، أي: تنفي جنس الكفّارات، والمعنى: لا كفّارة إلاَّ أن يُصلّيها حين يذكرها، وماذا إِذا أجَّلها مرَّة أُخرى وأخَّرها، أنقول إِنَّ له كفارة؟! وهل يليق بنا أن نُثبت ما نفاه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟
والخلاصة المتقدمة من هذه النّصوص:
من أضاع صلاةً حتى خرَج وقتها وهو مستيقظ لغير عُذر نصّ عليه الشرع فهو مفرّط؛ ومن نام عن صلاة أو نسيها فليس بمفرِّط أو مقصِّر، فله أن يصلّي ما فات، إِذ هو معذورٌ بذلك، ولكن عليه أن يصلّي ما فاته حين يذكر الصلاة،