ولا كفّارة لما وقَع فيه من ترْك الصلاة سوى ذلك: أي: الصلاة حين يذكرها.
ولا بدّ من مراعاة معرفة المفرّط من غير المفرّط، لأنّه بها يتحدّد من يجوز له الصلاة بعد فوات وقتها (١) ممّن لا يجوز له ذلك.
ثانياً: وممّا يحسُن بنا أن نعلم أنّ أمر الكفَّارات توقيفيّ، فهناك أمور كفّارتها إِقامة الحدّ مِن جَلْد أو رجم أو إِطعام ... وأمور كفّارتها الصيام، وأمور لا كفّارة لها سوى التوبة والإِنابة، فاليمين الغموس لا كفّارة لها مِن صيام ونحوه، ككفّارة مَن حلف وهو غير قادر على الإطعام، ولا يُقال للقاتل عمداً: لك أن تكفِّر كمن قتل خطأً ... ، بل إِنّه قد خطئ الحقّ من قال: إِنَّ مَن قتَل عمداً لهو أولى بصيام شهرين متتابعين ممّن قتَل خطأً.
فهذا أبلغ في الزجر والتعنيف، وبيان ما لهذه الأمور من حُرمة، وكذلك ليس مَن ترك الصلاة عمداً حتى يخرج وقتها؛ كمن نام عنها أو نَسيها.
ولو أنَّ رجلاً حلف فقال: والله لأطعمنّ زيداً قبل العصر، فإِنّه لا يجزئه أن يُطعم زيداً نفسه بعد العشاء، ولكن عليه أن يطعم عشرة أشخاص.
ولو أنَّ رجلاً جامع في نهار رمضان عامداً؛ فإِنّه لا يجزئه أن يصوم يوماً بعد رمضان، بل يجب عليه صيام شهرين متتابعين.
فليس لنا أن نقول لمن ضيّع صلاة وفرّط فيها: عليك أن تصلّي صلاةً واحدةً تكفِّر ما فَعَلْت!
ثالثاً: وفي الحديث: "أوّل ما يُحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة فإِنْ
(١) بل هو وقتها بالنسبة للمعذور، فالوقت وقتان: وقت اختيار ووقت عُذر، وسيأتي قريباً كلام ابن القيّم -رحمه الله- في ذلك.