كان أكملها كُتبت له كاملة، وإِن لم يكن أكمَلها، قال للملائكة: انظروا هل تجِدون لعبدي مِن تطوُّع؛ فأكمَلوا بها ما ضَيّع مِن فريضة، ثمَّ الزكاة، ثمَّ تُؤخذ الأعمال على حسب ذلك" (١).
ولم يقُل: " .. انظروا هل تجدون لعبدي من قضاء" فلنا من هذا الحديث أنْ نأمر من فاتته صلوات بغير ما سبق من أعذار، أن يكثر من التطوّع والتنفّل، وهو غير قضاء الفريضة، وخير الهدي هدي محمّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
رابعاً: قال شيخنا -حفظه الله تعالى- في "الصحيحة" -بحذف يسير- تحت الحديث (٦٦) بلفظ: "إِذا أدرك أحدكم أوّل سجدة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس؛ فليتمّ صلاته، وإذا أدرك أوّل سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس؛ فليتمّ صلاته".
"ومعنى قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "فليتمّ صلاته"؛ أي: لأنّه أدركها في وقتها وصلاّها صحيحة، وبذلك برئت ذمّته، وأنّه إِذا لم يدرك الركعة؛ فلا يتمّها؛ لأنها ليست صحيحة بسبب خروج وقتها؛ فليست مبرئة للذمّة.
ولا يخفى أنّ مثله -وأولى منه- من لم يدرك من صلاته شيئاً قبل خروج الوقت؛ فإِنّه لا صلاة له، ولا هي مبرئة لذمّته؛ أي: أنّه إِذا كان الذي لم يدرك الركعة لا يؤمر بإِتمام الصلاة؛ فالذي لم يدركها إِطلاقاً أولى أن لا يؤمر بها، وليس ذلك إلاَّ من باب الزجر والردع له عن إِضاعة الصلاة، فلم يجعل الشارع الحكيم لمثله كفّارة كي لا يعود إِلى إِضاعتها مرّة أخرى؛ متعلّلاً بأنّه يمكنه
(١) أخرجه ابن ماجه وأحمد بسند صحيح، وانظر "تخريج الإِيمان" لابن أبي شيبة رقم (١١٢).