للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالتخصيص بالذكر يُحوِج إلى طلب الفائدة فيه، وتخصيصُ الحكم يحوِج إلى طلب دليل التخصيص، وهذه القاعدة تبين أن الردَّ على القائلين بالمفهوم بقول من قال: ثبوت الحكم في الفرد لا يدل على نفيه عمَّا عداه، وإلا لَمَا كانت القضيةُ الكليةُ ممكنةً غيرُ (١) تام؛ لأن القائلَ بالمفهوم لا يقول به؛ لأجل ثبوت الحكم في الفرد، بل لأجل ثبوته فيه بطريق التخصيص بالذكر، حكما لفظيا يتبع الوضعَ والعرف، ولا يتبع الحكمَ فقط.

وثانيها: أن يقول: النهي عن افتراش جلود السباع مخصوصٌ بالاتفاق منا ومنكم بخروج كل جلد دُبغ من جلود السباع ما عدا جلدِ الكلبِ والخنزير عن النهي؛ فإنه لا يتناوله، وطهارةُ كل إِهابٍ دُبغ ليس (٢) مخصوصًا بالاتفاق؛ لوجود القائل به، وما دخله التخصيصُ بالاتفاق مرجوحٌ بالنسبة إلى ما لم يدخله بالاتفاق.

وهذه هي الطريقة التي سُلِكَتْ في الاستدلال على جواز صلاة ما له سببٌ من الصلوات في وقت الكراهة، حيث استدلَّ بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "منْ نامَ عن صلاةٍ، أو نسيَهَا، فليصلِّهَا إذا ذكرَهَا" (٣)، فإذا عُورِض


(١) أي: أن الردَّ على القائلين بالمفهوم ... غير تام.
(٢) أي: الطهارة حكمها ليس مخصوصًا.
(٣) رواه البخاري (٥٧٢)، كتاب: مواقيت الصلاة، باب: من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، ومسلم (٦٨٤)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: قضاء الصلاة الفائتة، واستحباب تعجيل قضائها، من حديث =

<<  <  ج: ص:  >  >>