للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرع إلى استعماله فيها؛ كالجُمَعِ والأعياد وغير ذلك ويحتمل أن يكونَ ذلك في حقِّ الملائكة، يستطيبون ريحَ الخُلوف أكثر ممَّا يستطيبون ريحَ المسك، انتهى (١).

وأقول: لما كانت لفظة "أطيب" مذكورة في الحديث، كان من وظائف الشارح أن يعرض (٢) لمعناها، وينظر هل يمكن إجراؤها على ظاهرها المعلوم في العادة، أو لا؟ فإنْ لم يمكن نظرَ في وجه المجاز، فهذا داعٍ إلى بيان استحالة إرادة المعنى الظاهر منها عرفًا.

والذي قاله من استحالة الاستلذاذ على الوجه المعلوم (٣) في العرف مُتَّفقٌ عليه بين المتكلم والمتفلسف المُشترِكَين في التنزيه، وإنما اختلفا في اللذة العقلية، وليس هذا موضع الكلام على ذلك، وإنما يُجوِّزُ هذا الظاهرَ الحشويُّ المصرِّح المبرح بالجسمية (٤)، والإلغاء للغيرية (٥).


(١) انظر: "المفهم" للقرطبي (٣/ ٢١٥ - ٢١٦).
(٢) "ت": "يتعرض".
(٣) "ت": "المعلوم عليه ".
(٤) في الأصل: "أجسمية"، والمثبت من "ت".
(٥) نسبة الاستطابة إليه - سبحانه وتعالى -، كنسبة سائر صفاته وأفعاله إليه، فإنها استطابة لا تماثل استطابة المخلوقين، كما أن رضاه. وغضبه وفرحه وكراهيته وحبه وبغضه لا تماثل ما للمخلوق من ذلك، كما أن ذاته - سبحانه وتعالى - لا تشبه ذوات خلقه، وصفاته لا تشبه صفاتهم وأفعالهم، انتهى. هذا كان بعض كلام الإمام ابن القيم في رده على من تأول هذا الحديث وأخرجه عن حقيقة لفظه. وانظر: الوجه الثالث من الكلام على هذا الحديث والتعليق عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>